بعد 19 عاماً من الإيدز لاتزال اليمن تقع ضمن الدول ذات المعدل المنخفض بالنسبة للإصابة بالفيروس القاتل ومع هذا تكاد تكون مؤهلة لتصاعد النسبة لتحتل مرتبة تنافس الموطن الأصلي للفيروس في أفريقيا. الإيدز اليمني يختلف عن أي إيدز في العالم فانتقاله ليس حصراً على العلاقات الجنسية غير المشروعة بل بما هو افظع من الجنس وتعاطي المخدرات. مشاكلنا دائماً تعود إلى انعدام الوعي الذي لايأتي إلا بعد نهاية الفيلم و«مش» أي فيلم.. فيلم هندي طويل لدرجة الملل، وهذا هو حالنا مع الإيدز الذي يغزو أجسادنا ويفتك بها دون علم المصاب إلا عند ظهور بشائره من تقرحات وهزال وارتفاع درجة الحرارة إلى آخر القائمة، بعدها يقال: فلان مات بالإيدز.. فالصدفة هي التي تشخص المرض وليس المراكز والمختبرات الصحية التي لا تكتشف الفيرس إلا بعد خراب مالطا. صحيح إننا شعب ملاطف من الله ولكن يبقى درء الخطر أفضل من انتظاره، حكايتنا مع الإيدز بدأت مع مغترب يمني عاد من الغربة لايحمل تحويشة العمر لأم العيال بل فيروساً قصف عمرها دون وعي وإدراك إلا بعد أن اشتغل الفيروس في جسدها و«هات يا إيدز»، وأصبحت الإصابات بعدهما بالآلاف منها ما هي مسجلة ومنها ماتزال مشفرة. لا أحد منا دفعه الفضول وذهب وفحص الإيدز طوعاً حتى الغارقين في الرذيلة إلى آذانهم، الكل يخاف من مفاجأة اكتشاف المرض وما سيلحقه من تمييز ونبذ اجتماعي. كلنا يتذكر حادث انتحار شاب في التربة بعد أن اكتشف إصابته بالمرض رغم أن العلم عند الله قد يكون مصاباً بمرض آخر ومن شخّصَ مرضه مختبر بالكاد يستطيع التفريق بين الدودة الشريطية والإسكارس، وذلك لأن من انضرب في رأسه وأراد أن يفحص لا يجد المختبر المؤهل لمثل هكذا حالات لأن اليمن بطولها وعرضها لا يتوفر فيها سوى ثلاثة مراكز للفحص. - ألم أقل إننا مؤهلون أن ننافس أفريقياوحتى أوروبا وأمريكا في ارتفاع حالات الإصابة بفيروس الإيدز. في ورشة عمل لملتقى المرأة بتعز حول الإيدز والذي كان لي شرف الحضور يوماً واحداً فيه وأمضيت بقية أيام المشاركة على فراش النوم، أثارني تعليق أحد الحاضرين بأن المصاب بالإيدز أول ما تكتشف حالته لا يطبطب عليه مثل بقية بلاد الله بل يتم احضار طقم عسكري وحبسه إلى أن يظهر له غريم.. فكم نحن أحوج إلى ورشات وندوات توعوية بفيروس الإيدز حتى نحاصره في الحدود الدنيا، ونجنب الكثير من مواطنينا الإصابة بهذا المرض القاتل الذي لو أننا قمنا بدراسة الحالات المصابة لوجدنا أن الأسباب التي أدت إلى المرض كانت نتيجة علاقات جنسية شرعية فرص أو بسبب نقل دم أو موس حلاقة ملوث.. ناهيك عن الدور الذي يلعبه دخول المتسللين من القرن الافريقي يقبض عليهم ولا يخضعون إلى أية فحوصات طبية.