الجفاف يشمل جزيرتنا العربية كاملة، ولدينا قرآن وسنّة فيهما الإرشاد إلى اللجوء لخالق المطر والسماوات والأرض ومن فيهن، فالذي يلجأ إليه مضطراً يجيبه إلى ما يريد «أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء». غير أن الله القادر اشترط لنزول رحمته، لنزول المطر شرطاً، هو الاستقامة على طريقه المستقيم «وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقا» فالاستقامة هي العودة إلى تحكيم كتاب الله وسنّة رسوله عليه الصلاة والسلام. ولقد أعجبني إنسان من هؤلاء الذين يدعون إلى الله دون علم ولا بصيرة حينما صعد المنبر فقال: لو كنت إلهاً ما أعطيتكم قطرة ماء.. لماذا تستحقون الرحمة وأنتم تشهدون الزور في المحاكم، والقضاة يأخذون الرشوة، ولا أحد يرحم الفقير، وتقطعون الطريق، وتحيفون الفساد، وتسرقون الحكومة، وتستحلون بيت مال المسلمين؟! هذه الكلمة حكمة تؤخذ من أفواه المجانين. إن السنّة المطهرة تدعونا حين تبخل السماء بالقطر أن نخرج للصلاة، وقبل الخروج للصلاة، لابد من توبة إلى الله، وأن يتخلى المسلمون عن الكبائر التي يرتكبونها كالحسد والنميمة والغيبة وأكل أموال الناس بالباطل، وعقد علاقة جديدة مع خلق الله ومع خالقهم تقوم على الصدق والمحبة والمودة والتسامح. لا أحد يستطيع أن يمنح العباد المطر أو أية رحمة أخرى إلا الله رب العالمين الرحمن الرحيم، فلابد أن نلجأ إليه بتصفية قلوبنا من الأحقاد، ثم نتحلل من ظلم العباد، ونؤهل قلوبنا لتنزل رحمات الله. إن الإعراض عن الله وعن ذكره بتضييع شريعته والاستخفاف بحقوق خلقه هو السبب في هذه الضراء واللأوى التي نعيشها، والله من علٍ قد أخبرنا بأنه سيأخذنا بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون. فالعودة إليه تعالى بتحكيم شرعه وتصفية القلوب من آثار الجاهلية والعداوات والمشاحنات هي المفتاح الوحيد لتلقي الأمطار والستر الجميل، فهل يُعقل أن نصل إلى هذا الحال ونحن متمسكون بإعراضنا؟!. إن الله قد اقتضى حكمة بأن التغيير إلى أحسن حال يكون بتغيير أنفسنا، ولن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. والله المستعان.