الثورة اليمنية (سبتمبر - أكتوبر) حددت أهدافها بوضوح وشفافية.. فالهدف الأول يقول: «التحرر من الاستبداد والاستعمار...»، أي استبداد آل حميد الدين في الشمال، والاستعمار البريطاني في جنوب الوطن وأعوانه والنظم المرتبطة بالاستعمار.. وبهذا ومن سياق الهدف يتضح واحدية الثورة اليمنية، التي تنبع من رؤية ثورية لواحدية اليمن، وضرورة إعادة الوحدة اليمنية. عندما تعرّضت الثورة في الشمال للهجمة المضادة تدفقت القبائل من أبناء الجنوب ليقفوا جنباً إلى جنب مع إخوانهم أبناء الشمال لحماية الثورة والانتصار لها، لأنهم رأوا في الثورة واستمرارها خلاصهم من الاستعمار وتحقيق حلمهم في الوحدة. وفي الوقت الذي كانت الثورة تواجه القوى المضادة في الشمال، كان التخطيط لاستكمال الفقرة الأولى من الهدف الأول، وذلك بالإعداد والاستعداد لإعلان الكفاح المسلح ضد الاستعمار في جنوب الوطن، واستُدعي أبناء المناطق الجنوبية من جبهة شمال الشمال، وأُعلموا بالأمر والخطة، وتوجهوا نحو الجزء الجنوبي بمساعدة القيادة في إب، وتم إعلان الكفاح المسلح ضد الاستعمار في أكتوبر 1963م، ليلتحق أبناء الشمال إلى جانب إخوانهم أبناء الجنوب في حرب التحرير والعمل الفدائي ضد الاستعمار، لتظهر واحدية الثورة، وواحدية الشعب والأرض في أروع صورها، ولإثبات توقهم إلى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، حسب الهدف السادس للثورة اليمنية الذي يقول: «العمل على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية على طريق الوحدة العربية الشاملة».. وهنا نرى مدى ارتباط الثورة اليمنية بالثورة العربية، وحلم اليمن بالتوحد على طريق الوحدة العربية.. إن الوحدة تعد هدفاً وطنياً وقومياً استراتيجياً للثورة اليمنية.. وهو ما يعكس أبعاد الثورة اليمنية وتطلعاتها القومية إلى تحقيق المشروع العربي الوحدوي النهضوي الديمقراطي. وهكذا مضت الثورة اليمنية بدعم ومساندة من حركة الثورة العربية القومية ممثلة بمصر عبدالناصر.. ومع انتصار الثورة في الجنوب ورحيل الاستعمار في ال30 من نوفمبر 1967م كانت الثورة في صنعاء تتعرض للحصار مما أجّل إعلان الوحدة، وإعلان قيام دولة في جنوب الوطن.. إلا أن هذا لم يمنع من انضمام فصائل من جيش التحرير إلى جانب إخوانهم في الشمال وذلك لفك الحصار والانتصار للثورة في 1968م. بعد ذلك ظلت اليمن شطرين ودولتين، وكانت تزداد الهوّة لتناقض النظامين وتحالفاتهما، لكن الشعب وقواه الوطنية ظلوا توّاقين ومناضلين من أجل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.