من المعروف أن تعدد الجهات التي تقدم خدمة معينة دائماً ما يصب في مصلحة المستفيدين من هذه الخدمة نتيجة للتنافس بين هذه الجهات على تقديم الخدمة الأفضل جودة والأرخص سعراً لمشتركيها، هذا هو المفترض والذي يقوله العقل والمنطق. لكن في بلادنا لا وجود لهذا النوع من العقل والمنطق، والأمثلة كثيرة وإحداها شركات الهاتف المحمول «السيار» والتي يصل عددها إلى أربع شركات.. صحيح أن هناك تنافساً شديداً وحامي الوطيس بين هذه الشركات التي تقدم خدمة الهاتف السيار، ولكن هذا التنافس ليس على تقديم الخدمة الأفضل والأحسن، بل تنافس على امتصاص أموال المشتركين ومن يكسب ويربح أكثر، بينما ما تقدمها هذه الشركات من خدمات فإن أقل ما يقال عنها إنها غاية في السوء، حتى خدمة الاتصال الخدمة الأساسية ليست متاحة دوماً، ففي أحيانٍ كثيرة يكون من الصعوبة بمكان الاتصال بمن تريد، وهو ما يؤكد رداءة الخدمة المقدمة من قبل هذه الشركات، وطبعاً لا يعجزهم اختلاق المبررات لفشل الاتصال طالما هناك ردود جاهزة ومبرمجة في الكمبيوتر تخبرك بأن الرقم الذي اتصلت به خارج نطاق الخدمة أو التغطية أو مغلق، بينما في الحقيقة لا شيء من ذلك؛ لأنه ساعتها يكون الهاتف في الخدمة ومؤشر التغطية في أعلى درجاته.. وليس أمامنا سوى أن نسأل الله أن يهدي الكمبيوتر و«يبطل» كذب!. - هذه ليست الشكوى الوحيدة فجميع المشتركين في هذه الخدمة وفي مختلف الشركات يشكون استنزاف أرصدتهم وهزالها بعد عدد من المكالمات لا تتناسب مع الوقت الذي يستخدمونه في الاتصال، ففي أحيان تسير الأمور بشكل جيد يشعر معها المشترك بأن رصيده كان مناسباً لاتصالاته، ولكن في أحايين كثيرة لا يعرف أين ذهب رصيده، وكيف انتهى سريعاً وبلمح البصر؟!. أما بالنسبة لخدمة الرسائل؛ فإن هذه الشركات حريصة جداً على استلام الرسائل المرسلة وخصم القيمة من رصيد المرسل مباشرة فقط، أما الاهتمام بإرسالها إلى المستلم فيبدو أن هذا الأمر بالنسبة لها أمر ثانوي وغير هام بالنسبة لهذه الشركات التي يهمها أولاً وأخيراً الحصول على سعر الخدمة أكثر من تقديم الخدمة نفسها، وهذه المشكلة تحدث في المناسبات والأعياد بالذات وهناك الكثير ممن يشكون من هذا الأمر. - وطبعاً هناك خدمات أخرى تتسابق هذه الشركات على تقديمها لمشتركيها مثل خدمة الأخبار، الأغاني، التهاني، الأدعية، رسائل الحب والغرام، الأبراج، النكت، والمسابقات الوهمية وغيرها الكثير، غير أن كل هذه الخدمات لا تقدم بالشكل المطلوب، فمثلاً في خدمة “الأخبار” كل شركة تطلب من مشتركيها الاشتراك في هذه الخدمة حتى تفتح لهم نافذة على العالم، وذلك مقابل رسوم شهرية محددة، لكن ما إن تشترك في هذه الخدمة فلن تصل إليك سوى بضعة أخبار لا تغني ولا تسمن من جوع وبعضها تأتي أخبار سخيفة لا طعم ولا لون ولا رائحة لها!!. فمثلاً إذا اشتركت في الأخبار العربية والعالمية فكل ما قد يصل إليك على أقصى تقدير «15» خبراً.. ولك أن تتخيل العالم كله بدوله وشعوبه لم يحدث فيه سوى «15» حدثاً، أما المصيبة الأكبر فتأتي في الأخبار الرياضية، حيث إن هذه الأخبار إما تأتي إليك بعد يوم من وقوعها أو لا تأتي أصلاً؛ رغم أن هذه الشركات تؤكد أن أخبارها طازجة وتنقل إليك الأخبار أولاً فأولاً، لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماًَ.. ومن لم يصدق فليجرب ذلك. - رغم كل هذه المساوئ فإن كل شركة تعلن عن نفسها بأنها الأفضل والأحسن، وأن خدماتها أرخص من غيرها، لكن كل ذلك ليس سوى مجرد كلام للاستهلاك الدعائي وضحك على الذقون وطُعم لاصطياد المزيد من المشتركين الذين تغريهم الدعاية المبالغ فيها، ولا يكتشفون الحقيقة إلا بعد وقوعهم في الفخ!.