ظاهرة التسول تُعد واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية ، بل تُعتبر مشكلة اجتماعية بالدرجة الأولى أخذت بالانتشار مع تزايد حالات البطالة والفقر ولكن ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة القديمة الجديدة دخول العديد من الأطفال والنساء هذا المجال، خاصةً من أولئك الذين يتسولون دون حاجة، وإنما اتخذوها مهنةً لكسبٍ غير مشروع وهم في أتم الصحة والقدرة التامة على الكسب الحلال، ومع ذلك فقد أثّر هؤلاء على المحتاجين حقيقةً ، حيث أصبحنا لا نعلم من المحتاج منهم ومن هو غير المحتاج لكثرة السؤال حيث لا يكاد يخلو مسجد من المساجد بعد أداء الفريضة من وجود متسولين ومشاهد مؤلمة ، يقوم بتمثيلها بعض من الشباب المدربين على إتقان صناعة النصب والاحتيال بممارسة مهنة التسول، وأكل أموال الناس بالباطل، ولهم في ذلك أحوال وأشكال، فمنهم من يقوم بعمل جبس ليده أو رجله أو أي جزء من جسده، ومنهم من يتصنع الجنون، ومنهم من يدعي الإصابة بحادث مروري أو المرض، أو موت أبيه أو أمه، تاركين له أخوة وأخوات يقوم برعايتهم والإنفاق عليهم ، أو أن الديون أثقلت كاهله ولا يستطيع السداد، ومنهم من يفتعل البكاء وقد يُحضر معه ابن الجيران أو ابنه او ابنته لاستخدامهما في ممارسة التسول لاستعطاف قلوب الناس، وقد يحلف يميناً كاذبة أنه لولا تلك الديون وعظم المسؤولية لما وقف أمام الناس ، وغير ذلك من الأعذار والأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أحد ، على أن بعضهم صادقون غير أن أغلبية هؤلاء كاذبون، الأمر الذي يجعل من هذه الظاهرة نواةً لخطرٍ اجتماعي حقيقي إذا لم يتم الالتفات إليها من قبل الجهات المعنية بحيث يتم منع هذه الظاهرة سواء في المساجد أو الأماكن العامة كالإشارات المرورية والمستشفيات والمدارس والأماكن السياحية وغيرها.. وعمل حلول جذرية تضمن الحد من هذه الظاهرة، كتضمين المحتاجين حقيقياً في برنامج الضمان الاجتماعي أو وضع صندوق خاص بهم يتلاءم مع حجم هذه الظاهرة واحتياجات هؤلاء الفئة، ومعاقبة كل من يثبت عدم حاجتهم واستغلالهم للتسول كمهنة ، فلو نظرنا إلى هذه الظاهرة من منظور الشرع لوجدنا بأن الدين الإسلامي قد كره هذه العادة ، بل قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله «من يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنه الله» صدق رسول الله ، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على كراهة التسول حتى عند وجود الحاجة لذلك فكيف بالتسول مع عدم وجود الحاجة ، مع العلم بأن هناك محتاجين وفي أمس الحاجة لكنهم لا يسألون الناس ولا يتسولون ، وهؤلاء هم المحتاجون حقيقة والذين يستحقون الالتفات إليهم من باب الحديث الشريف « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه » صدق رسول الله، ومن باب أنه «لا يدخل الجنة من بات شبعان وجاره جائع».. والكثير من الأحاديث الشريفة التي توجب التكافل بين الناس . وفي الأخير هذه دعوة إلى كل الجمعيات الخيرية التي تُسخر عائداتها للعمل التنظيمي الحزبي ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك بأن يعملوا بكل أمانة ويعطوا المستحقين بعيداً عن التمييز الحزبي لأن الفقير فقير مهما كان انتماؤه الحزبي وعدم استغلال أموال فعل الخير لغير ما بذلت من أجله .. والله من وراء القصد .