الحالة الأندلسية العربية الإسلامية شكّلت حاضناً مثالياً كبيراً لتعايش المسلمين مع اليهود والبروتستانت، ومع وصول الأسبان الكاثوليك وسقوط الأندلس بدأت مرحلة من المظالم بحق المسلمين واليهود والبروتستانت، مما دون بشكل واسع في التاريخ المعروف، ومن غرائب العصور وعجائب الدهور أن يعيد التاريخ التحالفي اليهودي البروتستانتي إنتاج نفسه على حساب العرب والمسلمين دونما استذكار، لما كان عليه الإسلام من سماحة وحسن معاملة لليهود والبروتستانت أثناء مجد الدولة العربية الأندلسية، فالتحالف الأيديولوجي الجديد بين الصهيونية والمحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة والمغلف بمرئيات مُتعصبة خارجة من أساس البروتستانتية واليهودية الدينية. هذا التحالف يتجه مباشرة ضد المسلمين والعرب، في تصرف يشي بالجحود وعدم العرفان بما كان عليه الحال في ظل الدولة العربية الإسلامية الأندلسية واستتباعاتها اللاحقة في عمق العالم العربي من المغرب وحتى اليمن.. لقد شكلّت محطة الأندلس التاريخية وميضاً بارقاً في الحضارة الإنسانية، فشواهد العمارة والتأليف والتعايش المديد بين الأنساق الثقافية واللغوية يدلل على روحية الدين الحنيف ومقاصده النبيلة، فلقد اتسع التعليم الإسلامي لكل الفرقاء، بل للملل والنحل المختلفة دون أن يفقد أحداً قدرته على المساهمة والمشاركة في صنع المجد والحضارة . في الأندلس بالذات نشأ مايمكن أن أُسميه ب «الخلاسية اللغوية» التي عبرت عن مواز ثقافي وأثني، فقد اختلطت اللغات القوطية الأوروبية مع العربية فتشكّل مزيج مدهش من لغة ثالثة سميت «لغة الرومانس» وهي من زاوية علاقتها بالعربية شيبيهة باللغة السواحلية المنتشرة في شرق أفريقيا، تلك اللغة التي تستأنس بكثرة كاثرة من المفردات العربية، فيما تعيد إنتاج مجد التعايش العربي العماني اليماني مع الأفارقة . سنجد ذات الأمر في الصومال وجيبوتي وجزر القمر وأريتريا، ناهيك عن السودان وما يمثله من عمق في هذا الباب.