العصر يحضر بسخاء النماء العارم، لكن هذه المنظومة من شواهد العمارة التاريخية تضع المشهدية البصرية العامة في ميزان الهوية والانتماء فتتموسق تلك الشواهد، وتنبري جماليات الخصوصية لتقول إننا مع التاريخ والعصر معاًً، مع التراث والمعاصرة أيضاً، مع جدل الجديد المُداهم، والتليد الناظم لهذا الجدل . في صنعاء خيار يذكرنا بأمجاد الأندلس وزهو العصر العباسي، ومعنى الاختيار. إنها اللازمة التي تتواتر على مدار العام، وتسعد بمنظومة من الأوعية المؤسسية الحاضنة، وتضع الذاكرة العامة في التباس رشيق مع تداعيات الثقافة وضروراتها . وبهذا المعنى تسير سفينة المعاني الناظرة لما وراء الآكام والهضاب، وترى بعين اليقين المتأمل أن أسباب الصلاح والفلاح قابعة في كامل المعاني التي تخرج من تضاعيف التاريخ واستتباعاته . في دروب التحولات نتوقف مديداً أمام كامل العناصر التي تشكل رافعة للتجربة، فمن التعليم إلى التربية الروحية، ومن الثقافة إلى الفنون ، ومن الآداب الى الكتاب . وفي المكتبات نتوقف على سلطة المعرفة بوصفها الشاهد الدال على الحقيقة. وفي الخدمات العامة التي تتوج المشهد نرى ما تفعله الإرادة والصبر، وفي المدينة ونمائها العمراني وجسورها وأنفاقها نترسّم الخُطى إلى ما سيكون عليه الحال في القريب العاجل .