«الثورة اليمنية» سبتمبر وأكتوبر... للتحرر من الاستبداد والاستعمار بأبعادهما «التحولية التغييرية»، صارت ذكريات عند من عاشوها، ومغيّبة عن ثقافة الجيل الجديد «جيل ما بعد الثورة»، لأن الكبار لم يعودوا يحكون عن الثورة إلا كذكريات شخصية، بينما غُيّبت «الثورة» عن المسرح الثقافي والإعلامي والتعليمي... وبالمقابل نشطت تيارات أخرى ضد ثقافة الثورة، ومع ثقافة رجعية، أدت إلى نشوء ثقافة رجعية لدى الأجيال الجديدة، وثقافة الإحباط عند جيل الثورة الذي وجد الثورة تتآكل وتتلاشى تحت وطأة الثقافة الرجعية التقليدية، وهو ما أضعف ارتباط جيل اليوم ب«الثورة» وثقافتها وأهدافها، بل أدى إلى قطيعة بين الثورة «مفهوماً، وأهدافاً، وثقافة»، وجيل اليوم الذي هيمنت عليه ثقافته الاتجاهات المضادة للثورة، وهي اتجاهات ضيقة، مناطقية، قبلية، عشائرية، أسرية ومذهبية إلى حد أصبحت معه الثورة مهددة بالتلاشي والانقراض. هذا الخطر أشار إليه الأخ الرئيس في كلمة له قبل الكلمة التي ألقاها في اللقاء التشاوري الموسع للإعلاميين في أغسطس الماضي... وأشار فيها بكل وضوح إلى أن الثورة تعاني اليوم من جيل الثورة الذي انخرط وانقاد للحركات المسلحة الأسرية الرجعية، والحركات الانفصالية المناطقية الشطرية ليقف ضد الثورة وإنجازاتها «جمهورية، ووحدة، وديمقراطية». وقد تساءل الأخ الرئيس عن السر وراء ذلك، ولم يتردد أن يقول: إن ذلك نتاج للتعليم وللإعلام ووسائل الثقافة... فهذا الجيل الذي أصبح يحارب في الجبهات المضادة للثورة وقيمها وأهدافها الوطنية والقومية هو نتاج التعليم والإعلام والثقافة، وهو يؤكد فشل هذه الآليات في أداء دورها تجاه الأجيال، وكانت القوى الرجعية التقليدية أنجح منها في «مسخ الجيل» والهيمنة عليه بالثقافة الرجعية، والتمكن من السيطرة عليه وتوجيهه ضد الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية... فالثقافة الرجعية حالت بين الجيل الجديد وبين انتمائه الثوري، الوطني، الديمقراطي، الوحدوي، القومي، وحوّلته إلى جيل يعتبر الثورة ومنجزاتها «خطيئة»..! إن الذي حدث في التعليم تحت اسم اليمننة والتطوير كان تخريباً وإفراغاً للمناهج من مضامينها الثورية... وهكذا في السياسة الإعلامية والثقافية المهترئة، وهو ما يجب «حسب الأخ الرئيس» إصلاحه وتصويبه وتصحيحه... لكن أين الآليات التي ستتولى ذلك؟!