في واقعة غير مسبوقة .. وحدة أمنية تحتجز حيوانات تستخدم في حراثة الأرض    وزير الاقتصاد ورئيس مؤسسة الإسمنت يشاركان في مراسم تشييع الشهيد الذيفاني    انفجارات عنيفة تهز مطار جامو في كشمير وسط توتر باكستاني هندي    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    "وثيقة" .. مكتب اعلام الحديدة يستغني عن موظف بدون مبررات قانونية    *- شبوة برس – متابعات خاصة    رشاد العليمي: راجع حسابك لن تكون أخبث من صالح واذكى من الإرياني    الرئيس : الرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلًا    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    السيد القائد: فضيحة سقوط مقاتلات F-18 كشفت تأثير عملياتنا    السيد القائد: العدوان الإسرائيلي على غزة "جريمة القرن" وتفريط الأمة له عواقب    ساعر: واشنطن لم تبلغ تل ابيب بوقف قصفها على اليمن    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    السودان.. اندلاع حريق ضخم إثر هجوم بطائرات مسيرة في ولاية النيل الأبيض    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    الأرصاد يحذر من تدني الرؤية الأفقية والصواعق الرعدية وعبور الجسور الأرضية    صنعاء .. الافراج عن موظف في منظمة دولية اغاثية    مطار صنعاء "خارج الخدمة".. خسائر تناهز 500 مليون دولار    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    باريس سان جيرمان يبلغ نهائي دوري أبطال أوروبا    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    باجل حرق..!    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    الزمالك المصري يفسخ عقد مدربه البرتغالي بيسيرو    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرابين الحرية
نشر في الجمهورية يوم 21 - 11 - 2008

نعم.. إنها قرابين الحرية وتضحية مابعدها تضحية، ولعلنا نعرف أن من ينتحر ويقتل نفسه فهو آثم، ولكن الله عز وجل يدرك حقيقة السبب ولعل هؤلاء وهن فتيان في سن صغيرة، أرغمهن أولياء أمورهن على ذلك.
إنهن ضحايا الزواج بالإكراه وزواج القاصرات والزواج المبكر.. كيف سمح الأب والعم والخال أن يزوجوا بناتهن بالإكراه، كيف تناسوا أنهن مازلن في سن الطفولة يلعبن ويتعلمن حتى وإن لم يكن هناك مدارس.
ليس السبب الجهل وقد يكون جزءاً منه لكنه الطمع والمصلحة، والزواج بأقل التكاليف وهو زواج الشغار، الذي يكبل بناتنا وأبناءنا بصفقات زواج آثمة وهو سرطان ينخر ويشرخ العلاقات الأسرية، فهذا أنموذج لأسرتين فقيرتين تبادلتا زواج الشغار ولظروف خاصة بأحدهما أخذ الطرف الآخر سبيل اللجوء إلى الشرطة لطلب إرجاع أخته والدفيعة «مقدم المهر» بسبب عجز الطرف الأول وهم أقرباء له بأن أرسل ابن عمته للسجن حتى يدفع ماعليه من «الدفيعة» والزوجة أخت الطرف الأخر.. هكذا يشغل مجتمعنا بعضه الآخر بسبب العادات والتقاليد بمشاكل لاحصر لها.. كيف نستطيع أن نقلل من هذه الظواهر التي أدركت طفلاتنا بخطورتها وبحقوقهن المنتهكة في التعلم والحياة الحرة الكريمة؟ وكيف أن حقوقهن هذه تنتهك من أقرب الناس إليهن الأب والأم ثم الأهل من الدرجة الثانية والثالثة؟ كيف أدركت الطفلات حقوقهن وتأثرن بالتوعية الإعلامية ولم يتأثر بها الكبار؟ أين هم عقال المناطق والحارات؟ لماذا لايوجد لهم خطاب من السلطة المحلية الأدنى وتوجه السلطة المحلية من المستوى الأعلى أيضاً أين هي التوعية المطلوبة من خطباء المساجد؟ لماذا يغيب الدين وتحضر العادات والتقاليد.. لماذا سلط البعض حادثة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله عنها وغاب عنهم زواجه وهو البكر من السيدة خديجة رضي الله عنها وهي ثيب أكبر منه سناً وكيف لم نستوعب بعد زواجه من الأرامل لاعتبارات سياسية ودينية وظل عندنا فقط الزواج المزاج والمتعة والبطرة، بل زواج بنية الطلاق وتحذير الزوجة بعدم الانجاب، لأن هذا عنده مال ويستطيع كسر عين المواطن البسيط وإرغامه على تزويج ابنته لأنه يملك أرضاً وسيشغله وأبناؤه معه أو يعطيه وضعاً أفضل.. مازال المال يلعب بنا ومازالت العلاقات الاقطاعية وسلطة الاقطاع الزوجية والمادية تعشعش وكأن ثورتنا سبتمبر وأكتوبر لم تدك تلك الأفكار ولم تؤثر الوحدة هي الأخرى في هذه العلاقات وماهي النتيجة.. زواج مبكر، حرمان من التعليم، أمية غالبة، زيادة نسبة وفيات الأمهات والرضع والأطفال.. لكثرة الانجاب وضعف الخدمات الطبية أو لجهل الأم وعدم تعلمها أو لصغر سنها، وبالتالي رفد المجتمع بأطفال معاقين وبروز ظاهرة الأم الطفلة.. تخيلوا أم عمرها«4151» سنة ومعها طفل «23» سنوات كيف لطفلة أن تتزوج ولم يكتمل بعد جهازها التناسلي والعقلي؟! فالزواج مسئولية.. كيف لطفلة أن تتزوج في الوقت الذي لاتزال تلعب ويجب أن تذهب للمدرسة.. هل عقوبة عدم توفر المدرسة تقع على الطفلة بأن تزوج؟
كم هي حالات الاجهاض والاضطرار الاكلينيكي لإخراج الجنين والتضحية برحم الأم الطفلة حتى تعيش لتبدأ مرحلة من الآلام لأنها لن تستطيع الإنجاب مستقبلاً وستظل عاقراً طول عمرها ولتصبح أشبه بثور في الحقل وتعيش حياة أشبه بالاستعباد؟ لم تتعظ بعد من تناول المحاكم اليمنية لقضية زواج نجود وتداول الإعلام الداخلي والخارجي لهذه الواقعة المؤلمة.؟
أما الخبر المؤلم فهو إقدام طفلات أو فتيات على الانتحار!! نعم الانتحار في قرية هي سليلة أرض حكمتها إحدى نسائها في مديرية جبلة محافظة إب.. أين هي السيدة أروى بنت أحمد الصليحي لتعيب هذا العمل المتمثل بالإرغام على الزواج بالقوة والإكراه.. أين هي لتذكرهم بحق الفتاة بالسؤال وهو حق إنساني وسنة نبوية شرعت للحد من زواج الجاهلية؟! هل ننام ليخبرنا الإعلام الدولي وقنواته الفضائية ولانقرأ أو نستوعب دراسات وتقارير وطنية.. كم هو الهدر الإنساني الذي نمارسه؟؟.
ليس عيباً أن ترفض بناتنا الزواج بالإكراه، بل هو شرف وتاج يفترض أن يحترمه الآباء، بل هو إثبات لقدرة بناتنا على التمييز في أمور حياتهن وينبغي أن يهب الجميع لمؤازرة الفتيات لهذا الرفض.. قد يكون ذلك قمة المعاناة الإنسانية وهن في أول مراحل أعمارهن.. فتيات طفلات ولكن هذه الواقعة أياً كانت حقيقتها فهي تعبير عن ظلم مابعده ظلم لقرابين فتيات في عمر الزهور لقهر حريتهن.. هل نحن نعيش عصور ماقبل الإسلام هل نحن في عصر الوثنيات عندما كانت تقدم الفتيات كقرابين للآلهة؟. ألم يصل الخطاب الديني المستنير لهذه المناطق؟ إننا نحتاج للمكاشفة والصراحة وأن تمتلك مجالس النواب والشورى والوزراء الشجاعة الأدبية لمناقشة هذه الظاهرة الزواج المبكر ورفض الفتيات له أيا كانت آلية الرفض انتحاراً أو إبلاغاً أو هروباً من المنزل أو اللجوء لمنظمات المجتمع المدني أو الذهاب، للمحاكم وأن تعمل هذه الجهات على تشكيل لجان تتقصى هذه الحقائق والوقائع والحوادث وينبغي أن تتجه لها أيضاً الأحزاب والتنظيمات السياسية وتعمل على مناقشتها وعلى الأقل تجتمع على قول كلمة صدق وعدل تجاه فلذات أكبادنا.. فكيف يهدأ لنا بال ونوفر لبناتنا وأولادنا الكتب والدفاتر لزوم الدراسة بينما فتيات أخريات يقدمن إلى مقصلة الزواج القسري والمبكر والسياحي والشغار..و..و... إنه عنف مابعده عنف.. مازالت حفيدات بلقيس وأروى يعانينه لم يجدن الا الانتحار وسيلة تعبير للإدانة والإثارة للرأي العام بعد أن حُرمن التعليم وحرم المجتمع منهن كمعلمات وطبيبات وممرضات.. إنه شرف كبير أن يرفضن لانهن صادقات ولايرغبن أن يتحولن إلى ما لايحمدنه والذهاب لأسواق الكذب والرذيلة فالعفة والفضيلة كانت أمامهن، وهي رسالة لكل أب وأم ومجتمع وقبله رسالة للجهات المعنية لتحرير المجتمع من هذه العادات البالية.
إننا بحاجة لثورة ثالثة ضد العادات والتقاليد الضارة، تبدأ بالقيام بحملة للحد من الزواج المبكر وتغيير النصوص القانونية في قانون الأحوال الشخصية للقضاء على هذه الظاهرة ووأد نتائجها المؤلمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.