الأمل أكثر اتساعاً من مساحات كل الهموم التي قد تبدو في لحظة ما، وأكبر من كل المتاعب..في لحظة ما قد يتسلل الهم إلى نفسك ويجعلك ترى بعيونه وتحس بإحساسه، وتطرق كل أبواب الحلول فتجدها موصدة بأقفال همّك، وهذا الهم ليس بالضرورة أن يكون هماً شخصياً خالصاً حتى يفعل كل هذا، فثمة هموم عامة يكون وقعها وتأثيرها أشد من كل الهموم الشخصية وتبعث الهموم الميتة من طيات النسيان فتراها كأنها لم تمت من قبل، ومع كل هذا تبقى الحقيقة الوحيدة أن الأمل الخالي والمجرد من الأوهام أكبر وأقوى من كل الهموم والمتاعب ومن كل المخاوف أيضاً، والأمر هنا لايدور في فلك الوهم ولايطير بأجنحة الخيال، ففي الواقع الذي نعيشه كل يوم يحدث الصراع الأزلي بين الخير والشر فنلمس ذلك جلياً وهناك تشتعل الهموم وتشتد المخاوف لا لضعف ولا لعلاقة بالخوف الناجم عن الأخطاء والخطايا، هنا يختلف الأمر تماماً وللهموم والخوف بعد أخلاقي، فالذين يحبون الخير يخافون عليه من غلبة الشر والذين يحبون الاستقرار ويعشقونه يخافون عليه من أسباب الفوضى والاضطراب، والذين يعشقون السلام يخافون عليه من دعاة الفتن والحرب والإرهاب، وفي خلاصة القول: إن من يعشقون الأرض ويحبون الوطن يخافون عليه من أعدائه في الداخل والخارج ومن كل أسباب الصراع، ويهمهم كلما لاح مايعكّر صفو أيامه وأحلامه ومنجزاته ووحدته..كل هذا يبعث على المخاوف والهموم حين تبدو الأمور أنها تسير عند البعض في طريق الضلال ولم يعد السائرون فيها يفرقون بين خير وشر وربما آثروا الشر على كل خير، ودفعوا بالأمور إلى المربع الذي لايمكن القبول به أو السكوت عنه ولايجد الخير من بد غير التصدي لهم مع علمه أن لكل شيء ثمناً لابد منه ولو كان الثمن باهظاً عندما يستدعي الأمر ذلك..يخطر في البال أحياناً شيء من هذا القبيل وينفتح باب السؤال ماذا لو وصل بنا الحال إلى هناك؟ وفي زحمة هذه الخواطر تنبعث الهموم وينمو القلق وتختلط كل الأوراق في لحظة واحدة، غير أن الأمل القائم على حقيقة أن دعاة الخير أكثر وأن الهموم والمخاوف ليست واقعية وليس هناك ما يدعو لذلك، فالأمور لم تزل بخير والحكمة لم تزل حاضرة بذاتها وبأهلها وأن أنصار الخير والحكمة لن يدعوا للشر فرصة في النجاح والانتصار على حساب الخير وعلى حساب القيم النبيلة والأخلاق السامية.. في تلك اللحظة ينتصر الأمل ونرى كل شيء بعيونه ونحس بإحساسه ونرى من الشواهد ما يقنعنا بقوة الخير والحكمة ويجعلنا نراهن عليها وعلى العقلاء في كل مكان بأنهم سيقفون في طريق المجانين أو من يتظاهرون بالجنون ولابد للعقل أن ينتصر في خاتمة الصراع، غير أن المهم أن ينتصر هذا العقل في الوقت المناسب، والتاريخ يحكي أن اليمانيين هم أهل عقل وحكمة والشواهد حاضرة قديمها وحديثها ولهذا نعلن من اللحظة انتصار الخير على الشر والعقل على الجنون والحكمة على الغوغاء والفوضى ونعلن انتصار الأمل على كل الهموم وإن تعالت بين الحين والآخر أصوات للشر فإن مصيرها إلى التلاشي في آفاق لاصوت فيها ولاصدى لغير أصوات الخير وإن بدت صورة مظلمة في لحظة ما فإن النهار يمحو كل الدجنات وتنتهي الصورة الباعثة للهم أمام صور للأمل والخير وأحسب أننا في حضن التفاؤل وقد رأينا صورة مشرقة بل صوراً مشرقة تطمس وتمحو صوراً، مظلمة كلما أطلت علينا صباحاً أو مساءً وقد ذهبت من قبل أشد الصور ظلمة وأطول الحقب ظلاماً.