مابين الأحزاب يمينها ويسارها ووسطها تاهت المرأة وضاعت حقوقها ولم تجد مكاناً لها يليق بمكانتها ودورها في العملية السياسية والديمقراطية.. الجميع يرفضها والجميع يعمل بكل قوة ليباعد بينها وبين حقوقها الدستورية والقانونية لابقائها مجرد ظاهرة صوتية ترفد صندوق الاقتراع بأصواتها التي تختار الرجل.. الجميع يعارض والجميع يرفض أن يكون للمرأة حق ونصيب من العملية الديمقراطية أكثر من حق التصويت للرجل والمشاركة كناخبة.. وهذا قدرها ونصيبها المقسوم وحظها من الديمقراطية ولايجب أن تطمح بأكثر من ذلك.. ولست أدري ماهي الموانع الشرعية والدستورية والقانونية والعرقية التي يستند إليها من يعارضون ترشح المرأة؟؟ ولست أدري أيضاً ما الذي دفع جهابذة الاحزاب السياسية وقادتهم من مفكرين ومنظرين وعلماء ومشائخ للاصطفاف ضد شقيقتهم المرأة وعدم الاقرار بحقها الدستوري والقانوني وفتح المجال أمامها لممارسة حقها الديمقراطي وإظهارها مرشحة وناخبة؟! والمؤسف حقاً أن يحاول كل حزب تبرير موقفه وإلقاء اللوم على الحزب الآخر.. بينما في حقيقة الأمر إن جميع الأحزاب ترفض المرأة كمرشحة حزبية وتضع العراقيل أمامها حتى لاتكون مرشحة مستقلة بدليل رفضهم إعطاء نسبة من المقاعد للمرأة وتصويتهم بتعديل قانون الانتخابات بحيث لايسمح للمرشحين المستقلين خوض الانتخابات مالم يحصل المرشح على توقيع «003» ناخب في دائرته وهذا من الصعب جداً بالنسبة للمرأة.. لامبرر إذاً غير خشيتهم وهاجس خوفهم من نجاح المرأة وتميزها وتحقيق ماعجز الرجال عن تحقيقه وهذا هو دافعهم الأكيد ليمنعوا هذا النجاح.. فهذا أحد الاخوة من أحد الأحزاب التي تعتبر ترشح المرأة وصمة عار في جبين المجتمع وانحلالاً وتفسخاً واندثاراً للقيم والأخلاق وكأن البرلمان مكان غير لائق أبداً لوجود المرأة.. فما هو مبرره وحجته الدامغة إلى هذا التحامل والهجمة الشرسة على المرأة؟.. لاشيء أبداً فهو وأمثاله يرددون مايملى عليهم من كبرائهم دون وعي أو إدراك.. صاحبنا هذا رغم زعمه بأنه شيخ علم وله من المحاضرات القيمة في مختلف المجالات مايثقل ظهر بعير لم يجد مايدافع به لانقول عن رأيه لأن مثل هؤلاء لا رأي لهم بل نقول لم يجد مايدافع به عما يردده من قول غير تلك الحيلة التي يلجأ إليها الكثير من أمثاله للخروج من المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه غير قول «لاتوجد فتوى من كبار العلماء تجيز ترشح المرأة» وحين سألناه وهل توجد فتوى من كبار العلماء أو صغارهم تحرم ترشح المرأة؟ كان رده بأن رفضهم ومعارضتهم مبادرة فخامة الرئيس منح 51% للمرأة وعدم التصريح بشرعية ترشح المرأة وتحفظهم على هذا الأمر رغم الدعوات المتكررة بمنح المرأة حق الترشح والمنافسة يثبت تحريمهم لهذا الأمر..الأخ الآخر من حزب اليسار الذي عرف قبل أن يكون «مشتركاً» بمواقفه الداعمة والمؤيدة للمرأة ومساندته لها كان رده ومبرره لرفض حزبه نظام الكوتا النسائية أن المرحلة غير مهيأة للزج بالمرأة واقحامها في المعترك السياسي غير المستقر مع رفض الحزب الحاكم الاعتراف بأخطائه وهيمنته على العملية الديمقراطية ورفض الاعتراف بالآخر.. فلا معنى لمشاركة المرأة في انتخابات غير شرعية ولاتقوم على أسس سليمة، وغير معترف بها بسبب المقاطعة التي ستكون حاضرة وبقوة «كما زعم» هذا من جانب ومن جانب آخر إن المرأة لم يتم إعدادها بالشكل المطلوب لتكون عضواً فعالاً داخل برلمان بحاجة لرفده بالكفاءات والقدرات حتى لايصبح برلماناً شكلياً ومفرغاً ويصبح وجود المرأة مجرد ديكور لتحسين صورة الحزب الحاكم، ضف إلى هذا أن قضية ترشح المرأة من عدمه ليست قضية جوهرية ومصيرية في الوقت الراهن فهناك قضايا أهم.. والأهم من هذا كله أننا نعرف أن دعوة الحزب الحاكم منح المرأة مقاعد داخل البرلمان والسماح لها أن تكون مرشحة هي مجرد لعبة سياسية اعتدنا عليها ومحاولة لبعثرة الأوراق وخلطها وليس هناك أي جدية لدعم المرأة كمرشحة لأن سياسة المؤتمر ونهجه أن يقول عكس مايفعل ويواصل أخونا اليساري: والانتخابات القادمة ستكشف زيف هذه الدعوة وإنها ليست إلا دعاية إعلامية لتحسين صورته.. هذا الحوار الذي جمعنا في إحدى الندوات كان ختامه مع ممثل المؤتمر الشعبي العام الذي بدا متحمساً جداً معتبراً أن كل ماقيل في حق المؤتمر الشعبي العام الذي يؤمن بمشاركة المرأة تهم باطلة لا أساس لها من الصحة لأن المؤتمر الشعبي العام جاد جداً في إتاحة الفرصة أمام المرأة وتمكينها من المشاركة في العملية السياسية، مؤكداً أن المؤتمر الشعبي العام سوف يرشح عدداً لابأس به من النساء في الانتخابات القادمة في عدد من محافظات الجمهورية بما فيها تعز. فهل نأمل من علمائنا الكبار المبجلين إصدار فتوى تجيز قبول المرأة كمرشحة.. طالما أن الدستور والقانون غير مقنع وغير ملزم للأحزاب السياسية لاعطائها هذا الحق؟!