لم تكتف موجة البرد والصقيع الأخيرة بضرب شجيرات القات، وإلحاق خسائر فادحة تصل إلى المليارات ليس فقط للمزارعين بل حتى لباعة الاقمشة والطرابيل الذين لم يجدوا من يسدد لهم الديون بعد إفلاس كثير من مزارعي القات.. غير أن الخسائر البشرية قد تكون هي الكارثة. الأيام القليلة الماضية شهدت ارتفاعاً مهولاً بالإصابات بأمراض البرد كالانفلونزا والزكام فيما تضاعفت أوجاع المصابين بأمراض المفاصل المزمن.. قد يكون ذلك امراً طبيعياً ومتوقعاً من قبل الجهات الصحية، لكن الأمر غير الطبيعي هو ان تكتشف ان معظم العلاج المطروح في السوق غير مرخص، وغير مطابق للمواصفات، أو فاسد تجاوز فترة انتهاء الصلاحية بأشهر عديدة ! الغالبية من الأطباء في مختلف أرجاء الجمهورية يصيحون بأعلى أصواتهم منذ أيام محذرين من خطورة العلاجات التي تبيعها معظم الصيدليات اليمنية، ويؤكدون ان أغلب المرضى قد ينجون من أمراض البرد، إلا ان عليهم الاستعداد لأمراض السرطان التي ستسببها العلاجات المهربة التي تغزو أسواق اليمن على نحو متزايد، وبتسهيلات وزارة الصحة العامة والسكان. ورغم علم الجميع بالكارثة السرطانية التي تتصدر أرقامها اليمن إلا أن الإجراء الوحيد القائم حالياً هو تنفيذ حملات التبرع بالمال لمرضى السرطان دون أن يقابل ذلك أي جهد ملموس على صعيد الوقاية من المرض.. الذي تعد العلاجات المهربة والفاسدة أحد أسبابه المهمة. لا نعتقد ان الأمر صعب أو مستحيل لمراقبة الصيدليات إلا في حالة واحدة عندما تكون أجهزة الرقابة الصحية فاسدة، وتساوم على أرواح الناس مقابل مبالغ زهيدة.. فالصيدليات خاصة خارج مراكز المدن تغرق بأصناف الأدوية غير المرخصة والفاسدة التي يستغل أصحاب الصيدليات جهل الناس ويقومون ببيعها لهم.. كما ان المستوصفات والمراكز الصحية لم تعد تراهن في تحقيق الأرباح على أعداد المرضى بل مبيعاتها من العلاجات المهربة التي تدخل اليمن برخص التراب وتباع للمرضى بسعر الذهب.. ونحن هنا نتساءل : أين فرق الرقابة الصحية ؟ ولماذا يستمر التهريب ؟ ومتى توقف وزارة الصحة ابرام عقود التوريد مع مختلف شركات العالم بدون أي مراعاة للجانب النوعي ؟ ذلك صحيح ان شعبنا فقير والكل يتجاذب ابتزازه لكن لا يمكن ان تصل الدرجة إلى تهريب علاجات سامة والسماح للصيدليات ببيعها لمجرد أنها رخيصة الثمن وتتناسب مع الحالة المعيشية للمواطن اليمني !! والطامة الكبرى أننا جميعاً حتى حملة الشهادات الجامعية قد نستطيع التعرف على تاريخ انتهاء العلاج لكن يستحيل لنا ان نميز العلاج المغشوش من الأصلي.. فهل سيراعي القائمون على الأمر الأمانة الملقاة على عاتقهم ؟!.