في اعتقادي إن لدى كل منا ذخيرة بداخله وعلى عكس الذخائر التي صنعها الإنسان والتي تدمر ما تقع عليه، إلا أن تلك الذخيرة لدينا تبني ما يهدمه شياطين البشر وهذا ما ينطبق نصاً وحرفاً على ما حدث وما يحدث في غزة معتقل الإنسانية ومصدر الذخيرة الروحية التي تدفعنا أكثر لنكون أقوياء.. سياسة إغلاق معابر غزة فتحت لهم معبراً إلى السماء فنالوا الشهادة التي هي أسمى مراتب الجنة،ومنع دخول السلاح إليها يُسلِّحهم ويسلّحنا بقوة الإرادة التي تحطم أبراج المكر والحقد على المسلمين من اليهود ومَنْ والاهم من أبناء معتقدهم. لم تخلف الحرب وراءها إلا دمار البنية التحتية وزيادة في عدد الأيتام والأرامل، لكنها خلقت لدينا روحاً جديدة لا تستطيع ترسانات الأسلحة تدميرها،ولا تجرؤ الاحترازات الأمنية منع تسربها إلى أعماقنا،ولا تقدر مُخابرات العالم إجبارنا قسراً على التخلي عنها أو إفشاء أسرارها.. هؤلاء المباركون على أرضهم المباركة إلى يوم القيامة علمونا الشيء الكثير،إنهم مدرسة عقيدة،أكاديمية ثقة بالواحد القهار،أمة حق أراد بها اليهود باطلاً فلم يُفلحوا،وما جعلني أُسطر هذه الكلمات تجربة وضعتُ نفسي فيها لمدة لاتزيد عن الدقائق الخمس حين تخيلت أولادي شباناً وشابات ،ومرّ أمامي شريط ليالٍ طوال من السهر والأرق وما قدمته من مسلسل تضحيات في سبيلهم ثم فجأة هكذا يُقربون قُرباناً لآلهة الحرب الإسرائيلية فصُعقت من شدة الحسرة على هؤلاء الأمهات الغزاويات ماذا قدمن لله ورسوله ثم للوطن؟! قدّمن رجالاً! هل تشعرون بما أشعر الآن؟! هل استطعتم أن تنفذوا إلى قلوب تلك النساء؟! لقد قدّمن ما هو أغلى من كنوز الدنيا مجتمعة! قدمن فلذات الأكباد وخلاصة الروح ومتعة العُمر وزهرة السنين.. ومن سوء أولئك الأنجاس زرعهم بذور الفتنة بين المرابطين حتى قيام الساعة.. فهم يقسمون أبناء فلسطين إلى حمساويين وفتحاويين وعبساويين و... ولا أدري ماقيمة هذه القسمة وكم ثمنها، غير أن اعتقادي الجازم بروح الفداء والجهاد لدى الفلسطينيين أنهم أصحاب حضور وطني وقد شربوا مرارة الظلم بكل أنواعه وتجرعوا حسرة الحياة بكل أشكالها، كيف بكم أيها السادة إذا قُتل أولادكم ودمرت بيوتكم ومصانعكم وأضحت أرضكم خراباً؟! أرجوكم أن تعيشوا معاناة هذا الشعب يومياً في طعامهم إذا طعمتم وشرابهم إذا شربتم وبقائهم في العراء إذا أويتم إلى بيوتكم وفي البرد القارس يزلزل دفء عظامهم إذا خلدتم إلى نوم هنيء وفراش دافىء.. وفي يُتم أطفالهم إذا احتضنتم أبناءكم بين ذراعيكم وفي قسوة انتهاك حُرمة نسائهم إذا نظرتم إلى نسائكم. أيها السادة صغاراً كنتم أو كباراً ليكن لديكم درس يومي تتلقونه أمام شاشات التلفاز تتعلمون فيه شيئاً من الإرادة وبعضاً من النخوة ورشة خفيفة من الإحساس بضرورة المدد بالنظر إلى مآسٍ كثيرة يعيشها إخوانكم وأخواتكم وأطفالكم في غزة وفي كل فلسطين. وكملاحظة لا أنصحكم بتناول القات أمام التلفاز لأنه سيدفعكم لبيع القضية برمتها.