المجلس الأعلى لتخطيط التعليم أصدر مجموعة من القرارات المتعلقة بالتعليم العام والعالي والمهني في اجتماعه الذي انعقد قبل أيام برئاسة الأخ رئيس مجلس الوزراء، مجمل هذه القرارات كانت إدارية أكثر منها فنية ولامست جوانب الفساد المالي والاداري فيما يتعلق بالتستر عن المنقطعين عن العمل واستلام مستحقات المنقطعين وإعادة توزيع المدرسين بحسب التخصصات والمتطلبات الواقعية لمختلف المدارس ووصول أشخاص غير مؤهلين إلى الإدارات المدرسية والتعليمية. هذه القرارات ليست جديدة فهي نتاج لقرارات سابقة لم تجد من يترجمها إلى واقع عملي ملموس بسبب تراكم السلبيات وتدخل شخصيات متنفذة في التأثير على القرارات التصحيحية التعليمية والتربوية وعرقلة تنفيذها أو التأثير من أجل تعيين شخصيات لاتمتلك أدنى المعايير الادارية والتربوية على رأس الادارات المدرسية والتعليمية. هذه القرارات دائماً ما تتصادم مع مصالح عناصر الفساد والافساد في مكاتب التربية والتعليم وتراخي أجهزة السلطة المحلية بالمحافظات والمديريات في تنفيذ ومتابعة تنفيذ مثل هذه القرارات، وأبعد من ذلك فإن هذه العناصر تستطيع حرف هذه القرارات عن أهدافها الحقيقية وتحويلها إلى وسيلة لإعادة إنتاج الفساد المقونن وبحماية هذه القرارات نفسها.. فالقرار الخاص بتكثيف حملات التفتيش بصورة مفاجئة بالتنسيق مع وزارتي المالية والخدمة وتشكيل اللجان المشتركة للقيام بالنزول المفاجئ إلى المدارس قد خبرناه لسنوات سابقة لم يحقق النتائج المرجوة بل إنها تخطئ الهدف وتدفع فاتورة هذه اللجان بعض الحالات التي يصادف تغيبها ظروف خاصة وقانونية. أما المستهدفون فعلاً فإن اخطبوط الفساد يستدعي هذه العناصر حتى من خارج اليمن وكم من الأسماء المدرجة في حافظة الدوام ليس لها وجود فعلي.. والسؤال هنا هو أين بؤرة الفساد؟ وما هي المعالجات الحقيقية التي تجتث هذه المشكلة؟ البؤرة في الادارة المدرسية وانعكاس أشعتها يمتد إلى مكاتب التربية والتعليم، والحل يكمن في إشراك أعضاء المجالس المحلية كل في إطار مركزه في استقصاء الحقائق والإبلاغ عن المنقطعين بعد تسليم كل عضو مجلس محلي كشفاً بأسماء الكادر التدريسي في المدارس التي تقع في مركزه وبذلك أشركنا المجتمع من خلال ممثليه في المجلس المحلي في الرقابة على هذا الجانب. المشكلة الحقيقية في هذا الجانب أن المنقطعين عن العمل في التربية والتعليم هم من الاداريين سواء في المدارس أو في مكاتب التربية والتعليم وهو ما يُسهل على أوكار الفساد ممارسة هذا الفعل، وأعتقد أن الوصول إلى معالجات حقيقية لن يتحقق إلا بإعادة جيش الاداريين والموجهين والمستشارين الذين لاتتعدى سنوات عملهم الخمس سنوات إلى الميدان عملياً وتطبيق اللائحة المدرسية في تحديد عدد الإداريين وإعادة توزيع المهام الإدارية بشكل عملي، فالكادر الاداري في بعض المدارس وصل إلى نصف الهيئة التدريسية بمعنى أن لكل مدرسان إدارياً مشرفاً.. والتساؤل الأهم هو ماذا تحقق من القرارات السابقة والتي قضت بإعادة توزيع الإداريين في المدارس؟ وهل تمتلك وزارة التربية والتعليم الشجاعة في التعامل بشفافية وإعلان ماتحقق من هذه القرارات عملياً وأسباب تعثر تنفيذها في كثير من المحافظات وتعلن عن السبب الرئيسي في عدم تنفيذ القرارات الوزارية التي قضت بإعادة آلاف الموجهين إلى الميدان وهو القرار الذي نتج عن جهد لجنة وزارة استمر عملها أربع سنوات أنفقت عليها الوزارة مئات الملايين من الريالات.. وإذا كانت القرارات قد جُمِّدت فمن المسئول عن إنفاق هذه الأموال دون إحداث نتائج تحقق عائداً ملموساً على الواقع ويوفر على خزينة الدولة عشرة أضعاف ما أنفق، على الأقل إدارات التربية والتعليم في المديريات ومكاتب التربية والتعليم بالمحافظات تمتلك كل الوثائق التي توضح أعداد الطلاب في المدارس وأعداد المدرسين ومدى التناسب بين عدد المدرسين وتخصصاتهم وأعداد الطلاب والتناسب بين عدد المدرسين والموجهين المشرفين عليهم وبذلك فإن العملية لاتحتاج أكثر من تحمل مديري الادارات التعليمية في المديريات والمحافظات لمسئولياتهم والتنقيب في الكشوفات وإعادة التوزيع للفائض بدون أي تمييز مع وجود دعم قوي من المجالس المحلية دون الارتهان لأية حسابات شخصية أو حزبية سوى حساب مستقبل التعليم في اليمن ومستقبل أبنائنا التعليمي والمهني. اشارة في نفس اليوم الذي انعقد اجتماع المجلس الوطني لتخطيط التعليم اتخذ المجلس المحلي لمحافظة عمران في اجتماع موسع قراراً بفصل «053»معلماً ومعلمة بسبب انقطاعهم عن العمل لفترة طويلة وأقرر الاجتماع إعادة توزيع«0081»معلم ومعلمة على المدارس من الفائضين عن العمل الإداري وهو مؤشر على أن القرار ليس مركزياً وأن المسئولية تقع على السلطات المحلية فهي من تمتلك القرار لكنها لاتمتلك الإرادة.