كثيراً ما يدور التساؤل حول جدوى انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية، والسلبيات والإيجابيات التي يمكن أن تحدث في هذا الصدد، وما هي آثارها المترتبة على الاقتصاد الوطني؟!. نوضح بداية أن منظمة التجارة العالمية التي أنشئت عام 1995م، وهي منظمة مختصة بالاتفاقيات والقوانين الدولية المعنية بالتجارة بين الدول، ومهمتها الأساسية ضمان حرية التجارة دون أية معوقات، وكي تصبح أية دولة عضواً في المنظمة لابد أن تجرى تخفيضات على الرسوم الجمركية وتعدل تشريعاتها المحلية لتتوافق مع اتفاقيات المنظمة. لقد قدمت اليمن كثيراً من التنازلات قبل أن تنضم إلى منظمة التجارة العالمية، وتتمثل هذه التنازلات في الإصلاحات الاقتصادية التي فرضها البنك الدولي وما صاحبها من تخفيض للتعريفة الجمركية، وتحرير التجارة، والخضوع لسياسة السوق، أي أن العديد من السلبيات التي تخشى منها الدول بعد الانضمام قد تحققت لدينا قبل الانضمام وحتى قبل أن نصبح أعضاء في المنظمة، ولم يبق كثيراً مما تخشى اليمن التضرر منه. في المقابل تبقى الاستفادة من إيجابيات الانضمام مثل فتح الأسواق أمام بلادنا ومعاملتها على قدم المساواة مع الدول الأعضاء في المنظمة، وحصولها على جميع المزايا التي تحصل عليها بقية الدول الأعضاء، وهذه الإيجابيات لا يمكن لها أن تتحقق ويتمتع اليمن بمزاياها سوى بحصوله على عضوية المنظمة. وبعبارة أخرى إن معظم سلبيات الانضمام متحققة سواء كنا أعضاءً في المنظمة أم لا، ولكن الإيجابيات لا يمكن أن نحصل عليها إلا بالانضمام. ومن المهم أن نعلم أن المنظمة جهة إدارية فقط، أما ما يتعلق بالقرارات والالتزامات فتتم بين الدول الأعضاء مباشرة بناءً على المفاوضات الثنائية أو الجماعية. فمقدار الإيجابيات والمكاسب التي يمكن أن يجنيها اليمن من الانضمام يتوقف على مدى فهم الجانب اليمني لاتفاقيات المنظمة وقدرته على التفاوض مع الدول الأعضاء لتقديم أقل التنازلات، وتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، وأيضاً يعتمد على حسن استغلال اليمن للمساعدات الفنية والفترات الانتقالية الممنوحة للدول الأقل نمواً. أما إذا لم يكن هناك اهتمام وجدية في المفاوضات ولم يتم التعامل مع المساعدات الفنية والفترات الانتقالية بشكل عملي مثمر، فإن وضع اليمن الاقتصادي سيستمر على ما هو عليه، ولن يتغير شيء بعد الانضمام، هذا إذا لم يزدد الوضع سوءاً. فانضمام بلادنا إلى منظمة التجارة العالمية سيترتب عليه فتح السوق اليمنية أمام كافة السلع والبضائع دون أية عوائق مما قد يؤثر سلباً على الإنتاج الوطني خاصة إذا رافق ذلك بعض الممارسات الضارة من قبل الدول الأخرى مثل إغراق الأسواق بالبضائع والسلع المنخفضة الثمن أو تقديم الدعم الكبير لمنتجاتها مما يجعل الإنتاج الوطني غير قادر على الصمود أمام هذه المنافسة غير العادلة. إن قرار انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية قد اتخذ، وتم بعده اتخاذ خطوات عملية في هذا الاتجاه، فلم يعد هناك مجال لمناقشة هل من المناسب أن تنضم اليمن أم لا ؟ بل لابد من الاهتمام بالكيفية التي يتم بها التعامل مع هذا الوضع لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب وتجنب السلبيات. وهذا لن يتم بالطبع إلا بوجود كوادر مؤهلة قادرة على التفاوض، وقبل ذلك لابد من التأهيل الجيد للاقتصاد اليمني ليكون قادراً على المنافسة بالاستفادة المثلى من الفترات الانتقالية والمساعدات الفنية. خبير في التحكيم التجاري والتشريعات المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية