خلال العقدين - الأخير من القرن العشرين، والأول من القرن الواحد والعشرين - رأينا انهيار النظام الاشتراكي، أي رأسمالية الدولة، وامتلاكها لوسائل الإنتاج، في 1990م من القرن الماضي.. أما في هذا القرن ال«21»، وفي السنة الثامنة منه فقد داهمت النظام الرأسمالي، أي اقتصاد الفرد، عاصفة مالية أطاحت بالعديد من مؤسساته المالية العملاقة في العديد من البلدان الرأسمالية، وطالت العاصفة المالية كل من ربط نفسه «فرداً، أو شركة، أو نظاماً، أو بلداً» بالرأسمالية العالمية.. وقد كبَّدت العاصفة المالية العالم خسائر فادحة، وصلت خلال 2008م إلى عشرات «التريليونات».. ويأتي عام 2009م ليؤكد أن العاصفة المالية مستمرة، وقد شملت إلى جانب النظام المالي أيضاً الاقتصاد الرأسمالي، الذي بدأت مؤشرات كثيرة، بل وشواهد ظاهرة تعلن عن دخول عالم الرأسمالية مرحلة كساد عظيم. هذا يعني أن علينا، نحن العرب والمسلمين والبلاد النامية، أن نفكر باقتصاد مختلف.. اقتصاد يضمن له البقاء والاستمرارية، والتطور.. أي نبتعد رويداً رويداً عن رأسمالية الدولة، أو الطبقة، وعن رأسمالية الفرد.. أي عن اقتصاد الدولة، أو الطبقة أو اقتصاد الفرد، ونسعى إلى اقتصاد جديد.. اقتصاد «المجتمع».. فأهم أسباب مشاكل الرأسمالية الاشتراكية، والرأسمالية الفردية، هي أن الأولى رأسمالية انحصرت في طبقة دون المجتمع، والثانية انحصرت في الفرد وتركت المجتمع.. في حين أن الطبقة والفرد جزء من المجتمع، وليس العكس.. والمجتمع ككل متكامل يعيش مع بعضه إنتاجاً، واستهلاكاً كوحدة واحدة، فإن أرادت طبقة العيش لوحدها، أو أراد الفرد أن يعيش لوحده فلن يطول نظامهما ولن يعمرا طويلاً، لأن هناك مجتمعاً لايمكن لهما أن يعيشا دونه. لذا فنحن في البلاد النامية، علينا أن نفكر باقتصاديات مجتمعية، الكل شريك فيها، والكل ينتفع من عوائدها.. ولانقول الانتفاع بالتساوي، لكن كل بقدر إسهامه.. أي أن يعيش المجتمع كله في أمان واستقرار، وتتسم حياته بالتوازن، والخلو من الظلم والاستغلال، والاحتكار، والغش، والخسران.. ومثل هذا الاقتصاد يقوم على القطاع العام والخاص والمختلط التعاوني، المساهم «الاكتتاب العام».. يتنافس فيه الجميع تنافساً شريفاً في حدود تحقيق التوازن والاستقرار في السوق، والبعد عن التنافس الشيطاني الذي يسعى إلى ابتلاع الآخرين لتحقيق الاحتكار والاستغلال.. ومن المهم أن يبتعد عن أسواق المال التي تربح وتخسر فيها الأموال أو المساهمون دون أن تكون هناك أية عملية إنتاجية.. فالمال وسيلة، وليس سلعة.. ويجب أن يظل وسيلة.