لأن الماء شريان الحياة، وأن الحياة بدونه عدم، إلاّ أن يشاء الله غير ذلك، فهو على كل شيء قدير،لكنه قد نبهنا سبحانه إلى أن الحياة لاتكون إلا بالماء..«وجعلنا من الماء كل شيء حي».. فإننا لذلك لا نستطيع أن نكف لحظة واحدة عن التفكير بالماء ولا نستطيع أن نعفي من المسئولية القائمين على شئون الماء سواء في مؤسسة المياه أو إدارة الأوقاف، لأننا نعلم أننا مساءلون ومحاسبون أمام الله عندما لانحرك ساكناً ونحن نرى الناس صغاراً وكباراً يتقلبون فوق نار الحاجة للماء للأغراض المختلفة، وإذا كان الإخوة في مؤسسة المياه وفي إدارة الأوقاف قد أمنوا غضب الله وسخطه ومكره بمن ينصرفون عن تأدية واجباتهم بصورة تبرهن على صدقهم وتفانيهم في خدمة من أوكل إليهم خدمتهم ورعايتهم في مجال اختصاصاتهم، فإن الكاتب الذي قَبِلَ أن يتحمل الأمانة أمام الصحيفة التي يكتب فيها لا يمكنه أن يأمن مكر الله به أو سخطه وغضبه عليه إذا هو قصّر أو تهاون في توضيح مكامن الخطأ أو العبث في أي موقع من المواقع التي يتضرر منها الناس البسطاء، الذين لا حول لهم ولا قوة في رفع هدر حقوقهم أو درء ما يوقعه الأقوياء والوجهاء والمتسلطون من استقواء وتعسف وإيلام، لا لشيء إلا لأن الأقوياء نسوا أن يتذكروا قدرة الله عليهم، تذكروا فقط أنهم أقوياء في مواجهة ضعفاء فتصرفوا بموجب قاعدة:« قدرة القوي على الضعيف». نحن لا نريد أن نكرر في هذه العجالة ما سبق أن قلناه في مقال سابق، لكننا لا نستطيع أن نخفي معلومات عن شدة الأزمة بسبب شح المؤسسة المسئولة عن تزويد المواطن بالحد الأدنى من المياه، فهناك منازل قد سدت مجاري المراحيض فيها من شدة انقطاع الماء من المرور فيها، فتصاعدت فيها الروائح الكريهة في كل أرجاء البيت والتصقت الملابس فوق الأبدان..كأنه لا يستحق من تزوده المؤسسة بالماء بوفرة وكفاية إلا من كان «عليه القيمة»..هذه نظرة قاسية وقاصرة وغير إنسانية ولا وطنية،ولا تمثل أي قدر من المساواة في المواطنة ولا في العقيدة ولا في الذوق السليم. هذا السلوك في التعامل لا يليق بمؤسسة محترمة مثل مؤسسة المياه والصرف الصحي، لأن هذا السلوك في التعامل يرفضه الدين والتقاليد والأعراف والذوق السليم، هذا السلوك في التعامل يتناقض تناقضاً كلياً مع مبدأ الناس شركاء في ثلاث: «الماء والنار والكلأ». ما ذنب الفقراء المعدمين أن لا تكون لهم خزانات أرضية تتسع لخزن الماء ما يغطي حاجة الأسرة لشهر أو لعدة شهور ،ما ذنب أمثال هؤلاء عندما لا يأتيهم الماء إلا في رأس الشهر أو الشهر والنصف، إن معظم الموسرين يملكون خزانات تكفي لتمويل حي بكامله، لذلك فإنهم لايشعرون بطول انقطاعه عنهم، أما غالبية الناس فإن الخزانات لا تكفيهم سوى لسبعة أيام أو عشرة أيام إن كثرت مع لزوم الأخذ بمبدأ التقتير الشديد، ثم يمضون بقية الشهر في ذل وهوان لا مثيل له، فأي حياة هذه؟ لابد أن يعلم الإخوة في مؤسسة المياه وفي الأوقاف أن الماء يحتاجه الأغنياء ويحتاجه الفقراء، يحتاجه العلماء والجهلاء، يحتاجه كل كائن حي، فلماذا هذا التمييز البغيض في توزيع الماء؟ إن الأخ المحافظ قد تنبه لخطورة مشكلة الماء في محافظة تعز في وقت مبكر من توليه مهام منصبه ولا نشك مطلقاً في أن الرجل في مستوى المسئولية يعني ما يقول وهو من القلائل الذين يعملون أكثر مما يقولون، وعلى مؤسسة المياه والأوقاف أن يعلموا أن الماء قسمة بين الجميع، يحتاجه المحافظ ويحتاجه مدير الأمن وقاضي القضاة ومدير الأوقاف مثلما يحتاجه الأطفال والنساء والشيوخ والولدان في بيوت الموظفين الصغار والكبار، وبيوت العمال البسطاء وبيوت بائعي الموز والفجل والفول والبهارات وغيرها.. فهل هناك من يظن أنه يكفي أن تتوفر المياه بقدر كاف في بيوت المسئولين الكبار لكي يرتوي منها كافة الناس أو عامتهم دون أن تصلهم المياه؟ وهل يكفي أن تضاء بعض البيوت بالكهرباء لكي تشعر بالضياء كل البيوت المقطوع عنها الكهرباء؟ نحن نهيب بالأخ مدير مؤسسة المياه أن تكون له زيارات ميدانية تفقدية يتعرف من خلالها على أحوال الناس في المناطق التي يزعمون أنها تغذى بالماء من الجبل...نتمنى أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين مدير مشروع المياه ومدير الأوقاف للتعرف على الواقع كما هو وليس كما ترفعه التقارير غير الأمينة ولا النزيهة ولا المسئولة. لابد أن يعلم الإخوة في مؤسسة المياه وإدارة الأوقاف أن الناس في المجلية والسائلة يواجهون شدة غير مسبوقة في ندرة المياه حتى لقد أغلقت حمامات المسجد التي كانت تحصل على حصتها وافرة طوال السنوات الماضية وليس هناك من سبيل لتأدية الصلاة في المسجد إلا التيمم أو الانتقال إلى منطقة أخرى، بينما هناك كمية كبيرة من ماء الجبل لم تستطع إدارة الأوقاف إلا أن تحني ظهرها للأقوياء الذين آثروا أنفسهم بنصيب الأسد منها،هذا مع علم الجميع أن الناس شركاء في ثلاث «الماء والنار والكلأ»..فهل يستقيم هذا مع:«ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة»؟؟