كثر الحديث هذه الأيام عن القمة العربية التي ستنعقد في الدوحة وأهميتها، ومع اليأس الذي أصاب المواطن العربي من القمم العربية وتاريخها الطويل في الفشل تلوح بارقة أمل.. وزاد من معدل هذا الأمل الزيارات المكوكية التي يقوم بها وزراء الخارجية، واللقاءات الثنائية بين بعض الزعماء حتى أنه لو عملنا مخططاً على الخريطة لهذه الزيارات واللقاءات لتحولت الخريطة إلى نسيج عنكبوت، كل مانرجوه أن يدرك هؤلاء الزعماء وأهل القمة أن الأمم تتداعى عليهم وعلينا وأنهم معنا في مركب واحد وأن الانحياز لأمتهم وقضاياها هو الضمان الحقيقي لنا ولهم.. محكمة الجنايات الدولية التي تطارد البشير بتهم غير مؤكدة أو ملفقة قد برأت «سلوبودان مليسوفيتش» الرئيس الصربي السابق من تهمة ارتكاب جرائم حرب ضد البوسنيين المسلمين، بعد كل تلك المذابح في البوسنة والهرسك أصبح الرجل بريئاً، صحيح أن عدالة الله عز وجل قد نفذت فيه ولكن لهذا الحكم دلالاته التي تؤكد تداعي الأمم علينا، وإلا كيف ينال البراءة من كان جنوده يلعبون الكرة برؤوس الصبية الأطفال من البوسنيين، ربما لايعلم بعض القراء أن شبكة «C.N.N» رفضت إذاعة شريط مصور يظهر فيه بعض الجنود الصرب وهم يلعبون برأس طفلة صغيرة بوسنية مراعاة لشعور المشاهدين، كما رفضت تسليمه كدليل ضد الصرب تعاطفاً معهم. اليوم رئيس عربي يطارد ويهدد بالاختطاف من الجو بتهمة جرائم الحرب، أما قادة اسرائيل فلا يملك أحد أن يحاكمهم فاليهودية حصانة دولية لمعتنقيها. ولاعزاء لأهل غزة. القمة القادمة محطة هامة جداً فهي تتزامن مع ذكرى مولد المصطفى عليه السلام وقد تعرض المصطفى عليه السلام كما تتعرض أمته اليوم للسخرية والاستهزاء والطعن والسب فإذا لم ينتصر هؤلاء الذين سيجتمعون لنبيهم ولأمتهم فالخير ألا يجتمعوا، وإذا لم يحقق هؤلاء في اجتماعهم أدنى درجات الانسجام - ولا أقول الوحدة والتناغم في مواقفهم ويخرجوا بخطط استراتيجية تحمي هذه الأمة مماتواجهه من التحديات والمصائب - فالافتراق خير من الاجتماع والوحدة خير من جليس السوء. أما الضحية الدائمة لكل قمة فهي فلسطين وأهلها، التي تتعرض كل يوم إلى توسيع الاحتلال وبناء المزيد من المستوطنات والمزيد من التوغلات ويتم ذلك بوتيرة عالية بعد كل قمة عربية، وكأن اسرائيل تجد في كل قمة عربية إشارة على الموافقة على ماتفعل.. فبعد قمة بيروت قامت اسرائيل في عهد سيء الذكر شارون باكتساح الضفة والقطاع رداً على المبادرة. إن أول واجبات القمة القادمة هو إعادة النظر في اعتبار السلام خياراً استراتيجياً للعرب وسحب هذه المبادرة التي لم تكلف اسرائيل نفسها النظر فيها أو الرد عليها بنعم أو لا.. ولكنها ردت أكثر من مرة عملياً وهو رد أقوى من قول «لا». فإسرائيل تفسّر كل دعوة إلى السلام بأنها استسلام وعلى ذلك تبنى حساباتها سواء مع الجانب العربي أو الجانب الفلسطيني. هذه القمة ستواجه مشكلات لم تواجهها القمم السابقة والملاحظ أن المشكلات تتراكم أمام القمم العربية وكل قمة تعقد في ظل مشكلات جديدة تنسيها المشكلات التي قبلها والسبب عدم جدية الحلول والرضوخ للتدخلات الأجنبية، الجديد في هذه القمة الأزمة الاقتصادية، ودار فور ومذكرة المحكمة الجنائية الدولية، والصومال بالاضافة إلى القضايا الثابتة منذ نصف قرن المصالحة العربية فلسطين، والمصالحة الفلسطينية، وغيرها. وأقول بصدق انه إذا لم يتمكن العرب من إيجاد مرجعية حقيقية محترمة لهم تستند إلى قيم ومبادىء نابعة من دين وقيم هذه الشعوب فإن قرارات القمم السابقة واللاحقة ستتحول إلى حبر على ورق يلف بها السندوتشات أو أشياء أخرى أقل احتراماً. نأمل من القادة العرب وفي ظل هذا الظرف العصيب ان يرتقوا فوق مستوى الخلافات مهما كان سببها وحجمها وأن يجعلوا نصب أعينهم مصلحة الأمة، فالأمر أكبر من كل خلاف، ومستقبل هذه الأمة بين أيديكم اليوم ياقادة، ونحن برغم كل مظاهر اليأس والإحباط ودواعيه لازلنا نتمسك بالأمل في الله عز وجل ولن نيأس أبداً «إنه لاييأس من روح الله إلا القوم الكافرون». وندعو لهم بالتوفيق والسداد وكل قمة والعرب بخير.