في اعتقادي أن السنوات التي تمر من عمر الإنسان دون الاطلاع على كتابٍ هي سنوات عجاف، وفي اعتقادي أن أي مبدع لم يصل إلى ما وصل إليه من مرتبة مرموقة في سلم أوج العلا إلا بعد أن اجتاز طرقاً وعرة أثمرت نجاحاً باهراً. من هذا المنطلق أجزم بالخمس أن أية دولة لم تصل إلى ما وصلت إليه من التطور الصناعي والتكنولوجي إلا كان ذلك بفضل جهود أبنائها وهم البناة الحقيقيون لمستقبل دولتهم، لذلك سعت الدولة في بلادنا جاهدة بكل ما لديها من إمكانيات بسيطة إلى توفير العوامل المساعدة لمتابعة كل جديد، وعلى هذاالصعيد قامت بإنشاء العديد من المكتبات العامة من مراكز البحوث في المدن الرئيسة إلى جانب الوسائل التعليمية لجميع مراحل التعليم وإيجاد المعامل العلمية للاستفادة منها. وعن هذه الأعداد مما سبق ذكره نجد الفروق شاسعة بين ما كانت عليه وما أصبحت وذلك في وقت قريب وفي زمن قياسي من عمر الوحدة المباركة، وللاستدلال حول ذلك لقد وقعت في يدي مجلة «العربي» الكويتية العدد الأخير وتحديداً في صفحة ثقافة الكترونية ما لفت نظري في نتيجة إحصائية للكاتب من خلال موقع محرك البحث الشهير «Google» جوجل عن ماذا يبحث العربي عبر الانترنت؟ وعن هذه الإحصائية وجدت أن اليمن حصلت على المرتبة الأولى من بين الدول العربية التي يبحث مشتركوها عبر الانترنت وذلك في مجال البحث عن الكتب، حينها اطمأننت وقلت في قرارة نفسي إن الدنيا لازالت بخير مادمنا نبحث عن الكتب وهي بشارة أزفها للقارئ اليمني كما نتمناها لكل القراء العرب وهي نقطة الضوء الأولى في هذا الموضوع. أما عن نقطة الضوء الثانية وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنقطة الأولى فتمثلت في متابعتي للمقابلة الشيقة مع الدكتور عبدالسلام الكبسي إثر إعلان بموعد المقابلة في صحيفة «الجمهورية» حيث سعدت كثيراً وأنا أتابع من خلال قناة «دبي» الفضائية وبالتحديد مساء السبت الماضي من خلال المقابلة وبصرف النظر عما ورد على لسانه في بعض الأفكار الخاصة فقد عرفته زميلاً مدرساً في مدرسة معين بأمانة العاصمة أواخر الثمانينيات من الشباب القادم والمتسلح بسلاح العلم والثقافة بصورة جامحة وعقلية متفتحة، متفائل بنظرة ثاقبة وبعمق كان صغيراً بعقلية كبيرة استوحيت ذلك عند مراسلته حينها للمثقفين والأدباء الكبار على الصعيد المحلي والعربي أمثال المقالح الذي يختلف معه في بعض الأفكار ومع الشاعر الكبير البردوني، ومن الذين كان يراسلهم في بعض نتاجه الأدبي للاستفادة والدخول للمعرفة وتسميتها من أبوابها أمثال الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي والمصري عبدالمعطي حجازي والفلسطيني محمود درويش، وعني كان ينصحني بمواصلة القراءة والكتابة. ود.الكبسي من الشباب الذين برزوا مؤخراً خصوصاً بعد حصوله على الدكتوراه من المملكة المغربية، حيث كان تأثره تأثراً شديداً بأستاذه الشاعر «بنّيس» كما أكد ذلك في المقابلة، والمذكور من شعراء التسعينيات وهو ناقد من الدرجة الأولى والمستقبل أمامه واعد يبشر أنه سيكون الشاعر الكبير والشجرة التي تحجب الغابة كما هو كذلك د.المقالح، وإن اختلف معه في بعض الأفكار غير أن ذلك لا يفسد للود قضية. الدكتور عبدالسلام حالياً رئيس بيت الشعر اليمني، وهي تجربة نأمل أن تنجح كما نجحت في المغرب الشقيق، له من الأعمال الشعرية والنقدية ثلاثة ومن الأولاد ثلاثة.. فالتفاحة التي لا تغيب عنها الشمس أرجو أن لاتخونني الذاكرة في هذه التسمية وكذا مقاليد القبيلة وكذا الحسين، ومن الأولاد عمار، يوسف، الحسين، وهو من القلائل الذين يكتبون الشعر وينقدونه ولا ينقد إلا في الوقت المناسب. إضافة إلى ذلك فهو باحث يعيش حياة أدبية وله علاقات مع أدباء وشعراء ونقاد وباحثين كثر، كما له علاقات صداقة وزمالة مع آخرين مثله مثل غيره، وكما تفرض ذلك سنة الحياة أصفه أنا بالوضوح في الطرح المصاحب للشجاعة، هادئ الطباع، سلس الرأي، منطقي الإقناع. مايميزه بوضوح بساطته ودماثة أخلاقه هكذا عرفته عن قرب، ومن أفكاره المقروءة أنه يؤمن أن الحياة قصيرة كما نؤمن نحن مع الفارق أنه يؤمن كلما تعثر تقدم للأمام، وهذه الفكرة الأخيرة قلما نجد لها مكاناً في هذا الزمان المزدحم بالماديات والصراعات التي تشبه حياة الغاب. فتحية لصاحب هذه النقطة ومزيداً من التوهج لخدمة الوطن من خلال إثراء المكتبة اليمنية والعربية.