أسرفنا كثيراً في الحديث عن الإرهاب والقاعدة والسيطرة الأجنبية على سياسات الشعوب والتضخم الاقتصادي الذي يحرق العملات الوطنية وسوء استخدام الأسلحة النووية.. والتطرف الديني والعنصرية.. وهجرة الأدمغة.. والانتخابات القادمة.. وسُبل تعزيز التعاون المشترك بين دول الجوار والمبادلات العربية - العربية لإحلال السلام في المنطقة وفرض حق الوطنية على أرض فلسطين.. وأن انتهاكات إسرائيل للشروط العربية العربية تعرقل مسار العملية السلمية، وانتظار وزير أو وزيرة خارجية لدولة عظمى أن تبدي رأيها في عملية السلام. أسرفنا كثيراً في انتظار الغيث من الأرض ونحن على يقين أن الغيث لايسقط إلا من السماء.. ولن أفتح باب القاعدة وما كان من أمرها ولن أفتح كذلك باب القمة وما كان من أمرها، فكلاهما « القاعدة والقمة» أمران أحلاهما مرُ .. وهما وجهان لعملة واحدة هي ضعفنا في تسوية جدار الثقة بين الشعوب وحكوماتها.. وقد عاهدت الشعوب أن تثأر والحكومات أن تزأر .. وكأن أوطاننا صارت حلبات صراع من نوع إفلاطوني خرافي لايحمل قضايا الشعوب على محمل الجد، وقد يكون الرأي العريض الذي عشناهُ أيام غزة الأخيرة للشوارع العربية دليلاً كافياً على ازدواجية المضمون السياسي لدينا. فحين يعتبر بعض المحللين أن ذلك نجاح لإفشاء الديموقراطية لدى الشعوب، يراه آخرون انعكاساً لعجز السياسات والحكومات عن أداء مهامها بشكل كامل واحتواء حركات الشوارع فيها،إلا في حالات القمع الواضحة التي اعتمدتها بعض السياسات التي تنتهج الكيل بمكيال عربي أجنبي غير واضح المعالم.. في مقالات كثيرة عن الإرهاب والتحذير منه ومحاولة تفسيره بحركات إنتمائية ذات علاقة بشعوب معينة.. ومحاولة غرس الرهبة في قلوب الناس منه وإشاعة انتشار الإرهابيين في كل مكان.. أمر لا أستسيغ أن نكتب عنه ونحن لم نصنّف أو لم نجد من يصنّف ويصف الإرهاب توصيفاً صحيحاً. أليس العنف ضد المرأة إرهاباً..؟ أليس العنف ضد الأطفال إرهاباً؟! ألا يُعدّ الفساد السائد في العالم بأكمله مادياً واجتماعياً وثقافياً وحتى إنسانياً ألا يُعدّ إرهاباً؟! خيانة الله ورسوله وبيع الوطن ألا يُعدّان إرهاباً؟! إثارة الرعب في قلوب الناس واستغلال أزماتهم رغم تحذير الحكومة منها الا يُعدّ إرهاباً؟! إما من وجهة نظري أنا فحتى صُراخ المعلمة في وجوه الطلبة ومعاملتهم بحيوانية أُعدهُ إرهاباً من الدرجة الأولى.. ارتفاع أسعار الطماطم حتى تفوق سعر التفاح إرهاب زراعي أخضر من نوع فريد تهميش الأرض الزراعية وتجاهل دورها في التخفيف من أعباء المواطنين إرهاب أيضاً؟! فإذا وصل الحد إلى استيراد البطاطا فمن حق ذرات التراب تحت أقدامنا أن تُضرب إضراباً طويل الأمد عن حرثها وبذورها كما تريد وبما تشاء. ليس من حقنا أن نحاكم أولئك الذين ينشرون الذعر بين البشر فحكمهم إلى الله أقوى.. لكن أن يكون الإرهاب كلمة لصيقة بالمسلمين ومن يحرك خيوطها ويرسمها ويلونها بالدم ليسوا مسلمين فهذا هو الأهم.. الأهم أن يعلم العالم كله أن الإسلام دين سلام وليس دين عنف.. حتى لا نكون بفهمنا الخاطئ لمفردات الأزمات ممن يصنعون الأزمات ذاتها.. وربما أكثر.