موقف بطولي.. مواطنون يواجهون قياديًا حوثيًا ومسلحيه خلال محاولته نهب أرضية أحدهم.. ومشرف المليشيات يلوذ بالفرار    إصابة مواطن ونجله جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات شمال لحج    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    للجنوبيين: أنتم في معركة سياسية تاريخية سيسقط فيها الكثير وتنكشف أقنعتهم    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    أقذر أنواع الحروب هي حرب الخدمات... بريطانيا وإسرائيل أشرف من الاحتلال اليمني    يوفنتوس يتوج بلقب كأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تسليم الجنوب لإيران "لا يجب أن يتم عن طريق دول الجوار"    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    أوقفوا هذا العار.. إعلان إسرائيلي غاضب ضد ''توكل كرمان'' بسبب تصريحاتها الجريئة عن حرب غزة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    الكشف عن ترتيبات أمريكية مؤلمة للحكومة الشرعية وقاسية على القضية الجنوبية    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    بريطانيا تخصص 139 مليون جنيه استرليني لتمويل المساعدات الإنسانية في اليمن مميز    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    وزارة الحج والعمرة السعودية توفر 15 دليلاً توعوياً ب 16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    وزيرا المياه والصحة يبحثان مع البنك الدولي تمويل إضافي ب50 مليون دولار لمشروع رأس المال البشري مميز    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    في الذكرى ال 76 للنكبة.. اتحاد نضال العمال الفلسطيني يجدد دعوته للوحدة الوطنية وانهاء الانقسام مميز    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    سنتكوم تعلن تدمير طائرتين مسيرتين وصاروخ مضاد للسفن فوق البحر الأحمر مميز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكافحة الارهاب
نشر في الوسط يوم 29 - 12 - 2012

ظلت مكافحة الإرهاب شأنا من شؤون الدولة العليا وحدها وخاضعة لسياسات فوقية لاتقبل المشاركة المجتمعية وتفتقر للشفافية والمصداقية وتستخدم لغة نمطية. واحتكر رئيس الدولة السابق وأسرته سياسة مكافحة الإرهاب بدون تشريع، وتلك كانت من ثغرات عديدة لعهده السلطوي.. بعد ثورة 11 فبراير لايزال الحال على ماكان عليه وإن حدث تقدم في الوعي بفعل الأضرار التي لحقت بالوطن جراء العمليات الإرهابية النوعية التي سفكت دماء في صنعاء وعدن وأبين وشبوة والبيضاء، والإرهاب لايزال الحاضر الغائب عند الحديث عن الأمن ومتطلباته وإصلاح أجهزته ومأسسة مكافحته. وقد تسد مصفوفة الاستراتيجية الشاملة لمواجهة الإرهاب التي أرسلت مسودتها في سبتمبر2012 من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الوزراء للدراسة والتمحيص هذا الفراغ.
المصفوفة كمخرج: بإصدار المصفوفة في صيغتها النهائية بالتزامات وإلزامات واضحة وتمويل كاف وتنفيذ نزيه وتنسيق مهني سينتقل اليمن نقلة نوعية في جهوده لمكافحة الإرهاب. ولكن يجب ألا ننساق إلى سياسة التديين ذات البعد الواحد في محاربة الإرهاب وأن ندرك أننا لسنا كما جاء في المصفوفة في تنافس حول من يعبر عن صحيح الدين لأننا نخوض صراع إرادات سياسية ومصالح عامة ضد مصالح ضيقة وفي صراع مع قوى الإرهاب التي نخوض ضدها معركة نكون أو لانكون لانعدام نقطة وسط تجمعنا. وإذا اقتنعنا بأننا نقف في معسكرين متصادمين نكون قد بدأنا رحلة الألف ميل في الانتصار عليه. الإرهاب ليس بندقية وخطاباً دينياً بل برنامجا سياسيا يسوّق أحيانا عن طريق المسجد كحاضن لثقافة التكفير وكجزء من شبكة تفتيت الوحدة الوطنية ونشر الكراهية لأن الإرهابيين لايؤمنون بالخلاف وبالديمقراطية والإرادة الشعبية. الإرهابيون يستغلون أرباع المتعلمين وذوي الحاجة والفساد وفشل الدولة في إقامة العدل الاجتماعي لطرح أنفسهم كبديل سياسي دموي. وفي هذا المقام يجب أن لا نسرف في الاعتماد على دور المسجد في المساهمة بتقويض الإرهاب وألا ننسى أنه ساهم في تربية البعض على العنف والكراهية والتكفير وأن نظام ماقبل فبراير 2012 استخدمه واستقدم وعاظا عرباً لأداء نفس الرسالة. لقد تبنت المصفوفة أكثر من بعد في محاربته ولكن الأهم هو بناء دولة القانون والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد والتنمية لتقويض الإرهاب، وتحتوي المصفوفة على خطط في تحديد طرق المواجهة. مثلا ليس من مهام الدولة الرئيسية أن توضح للناس مفهوم الجهاد الصحيح وفهم قواعد التكفير وضوابطه وإلا خالفت الدستور. ومن البداية علينا ألا ننقاد إلى مربع الإرهابيين وننافسهم في الجدل حول ثقافة التكفير لأننا بذلك نقبل بمشروعهم. ولنتذكر أن نتيجة التحاور مع الإرهابيين كانت فاشلة إلى حد بعيد عندنا وفي العربية السعودية لأن لهؤلاء هدفا سياسيا محددا، وهو الاستيلاء على السلطة بالعنف. ولقد حذّر الداعية الحبيب علي الجفري في مقالة له بجريدة الوطن المصرية في 3 /12/12من "إساءة استخدام منبر النبي وتوظيفه في ألاعيب السياسة وجعله جزءاً من التنافسات السياسية لأن منبر النبي يفقد مصداقيته إذا أصبح جزءاً من لعبة التنافس على الحكم". ولهزيمة الإرهاب الذي يوظف الدين علينا إخراج المواطن من حيرته وتساؤلاته حول من يعبر عن صحيح الدين، هل الدولة أم الإرهابيين؟.. الدولة عند كل ملمة تصرخ بادعاء احتكار تمثيل الدين والوسطية، وهؤلاء ينكرون أنهم متطرفون ويزعمون أنهم هم المسلمون الحقيقيون.. لقد اعتدنا عندما تقع واقعة إرهابية أن نخاطب الناس بالبديهيات، مثل أن الدين الإسلامي دين الوسطية والتسامح والاعتدال، وينبذ التطرف وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق... الخ، ثم تصرخ مساجد بالتبرؤ منهم، ولكن كل ذلك لم يثن إرهابيا واحدا عن صحيح مايعتقده وماتغلغل في أعماقه من انحراف ديني، ثم نخاطب الأجانب بما لايجهلوه مثل أن الإرهاب ليس له دين وأعمى وعابر للحدود وظاهرة عالمية ونحن ضحاياه مثلهم الخ. وننسى أنهم يعلمون بأدعية تتكرر في مساجدنا لكي يبيد الله هؤلاء وذرياتهم، ومن نفس المساجد تنطلق دعوات ضد الوطنية والليبرالية والعلمانية والاشتراكية والتعددية الدينية والمذهبية والشعب والمرأة والانتخاب والديمقراطية والبرلمان والعروبة مما يسوي الملعب للإرهاب لكي يعبث بأمن الوطن وهو في مأمن. لذلك نحن بحاجة ملحة إلى تبني خطاب ديني محلّي الهوى والهوية يركز على هموم الناس ومعاناتهم ويشحذ هممهم للعمل ومقاومة الفساد والظلم ويبعد الناس عن الأوهام كالخلافة والوحدة الإسلامية التي ليس لها رواج إلا عندنا وليست من يوميات أغلبية المسلمين، ويراها المسلم الأندونيسي أو الماليزي أو النيجيري مصدرا للتضامن وليس لإباحة الدماء أو للتجييش السياسي وجمع المال كما هو الحال عندنا حيث لامفعول لها إذا ألمت كوارث وما أكثرها بمسلمي ماينمار أو بنجلادش وباكستان وغيرها.
الإرهاب سابق على ثورة فبراير: حمّلت مقدمة المصفوفة ثورة 11 فبراير مسؤولية معاناتنا مع الإرهاب بما أسمته بدون توفيق "الانفلات الأمني الناتج عن الأزمة التي عصفت بالجمهورية في الفترة الأخيرة". الإرهاب بعلم الكل أقدم من ثورة الشباب ويرتبط بحاكم ذلك الوقت الذي كان يعلم ماكانت تكتبه الصحافة الأجنبية عنه وما كان يقوله زعماء أجانب. ربط جورج براون رئيس وزراء بريطانيا السابق في 2 يناير 2010 الإرهاب بنظام صالح أي قبل ثورة الشباب بثلاثة عشر شهرا بقوله أن "اليمن حاضنا وملاذا آمنا للإرهاب ويشكل تهديدا إقليميا ودوليا". وقد أتى هذا التحذير بعد أسبوع فقط من محاولة عبدالمطلب النيجيري تفجير طائرة بركابها المدنيين في الجو بعد مغادرتها مطار صنعاء. ومنذ خمسة عشر عاما تحذر وزارات خارجية غربية عديدة مواطنيها من السفر إلى اليمن.. هل نسينا كل هذا لنحمل ثورة الشباب السلمية مسؤولية لايتحملها سوى نظام صالح وحده. لنتذكر أن أول حادث إرهابي كبير حدث في أبين عام1998 وقتل فيه ثلاثة سياح بريطانيين واسترالي. وعنه وعن صالح كتبت صحيفة التايمز البريطانية في افتتاحيتها في 30 ديسمبر ما يلي "شجع صالح الجهاد الإسلامي عقب الوحدة عام 1990واستخدمه بعد حرب 1994 لقتل المسؤولين الاشتراكيين الذين كانوا يمثلون عائقا أمام هيمنة صنعاء" وأشارت الافتتاحية إلى ما أسمته ميكيافيلة صالح في التعامل مع الجهاد الإسلامي ووضعت الأصبع على الجرح بقولها في وقت مبكر عن الدولة التي بدأت تذوي "إن مايحتاجه اليمن هو دولة قابلة للحياة". وعن انتعاش السياحة التي ماتت، بعد ذلك ذكرت الصحيفة بأن 84000 سائحا زاروا اليمن عام 1997 منهم 6385 بريطاني. وكتب عن نفس الموضوع حازم صاغية في الحياة في 1 يناير1999 مشيرا إلى علاقة صالح بطارق الفضلي. أما فرنسا فنظرت إلى الموضوع من زاوية العلاقة بين زيادة استثماراتها وبين نجاح السلطات اليمنية في تثبيت الأمن والاستقرار وضبط الأوضاع في إطار دولة القانون" (الشرق الأوسط 16- 12-1998). وقد لايكون من قبيل الصدفة أن العمل الإرهابي في أبين حدث بعد وصول وفد بريطاني في 25 نوفمبر إلى عدن يمثل (17) شركة لبحث فرص الاستثمار في اليمن وخصوصا في عدن. (يمن تايمز 30 نوفمبر -6 ديسمبر 1998). هل ماحدث في أبين كان ردا مشتركا من صالح وشركائه لإحباط الاستثمار في عدن والإضرار بالسياحة التي كان يصفها بالدعارة؟.. سلوك صالح نحو الجنوب يفتح الباب لأي تفسير. وجاءت ضربة لم يتوقعها صالح عندما أعلن السيد توني لويد الوزير بوزارة الخارجية البريطانية أن "فرص انضمام اليمن للكومنولث معدومة لأنه لاينطبق عليه معيار الحكم الرشيد" (الإندبندنت 3 يناير 1999).وكان ذلك شهادة دولية دحضت مزاعمه بأن نظامه ديمقراطي. وعلاقة صالح بالإرهاب لم تكن خافية على أحد حتى في الداخل، وبصماته واضحة في أبين في هذا العام أثناء المواجهة مع أنصار الشريعة. ومعلوم وصفه للإرهابي طارق الفضلي قبل طرده من زنجبار بسبب علاقته بالقاعدة بأنه أسد ابن أسد. ولتبرئة الذمة كان يأمر بوضع صور بعض الإرهابيين في بعض المطارات ويخدرنا بتصريحات مستهلكة عن الإرهاب، وفي شرم الشيخ شارك في العام 2006 في مؤتمر قمة لمكافحة الإرهاب، بينما كان يساوم الدولة المضيفة على تعاون في مكافحة الإرهاب يحقق له أهدافا سياسية كمنع من شردهم من الجنوبيين من مزاولة النشاط السياسي ومن العودة إلى مصر إذا غادروها. صالح ساوم على تسليم مواطن مصري متهم بالإرهاب كان يقيم في اليمن مقابل اختطاف لاجئ جنوبي وإرساله إليه. وإزاء تفاقم الأوضاع الأمنية والاقتصادية وازدياد الاستياء الشعبي وخاصة في الجنوب حاولت دول كثيرة مساعدة صالح بإخراج اليمن من وضع الدولة الرخوة والفاشلة وحاضنة الإرهاب ولكن كان صالح أذنا من طين وأخرى من عجين. وما لم يدركه صالح أن الإرهاب لا يساوم على أهدافه لأنه حامل ثقافة إقصائية- إنكارية وقد يتبع تكتيكات متغيرة وحتى متناقضة، ولكن يبقى أمامه هدف جوهري، هو السلطة. تحدث الحبيب علي الجفري عن تناقض الخطاب الديني الذي يوظفه الإرهابيون في مقالته السابق الإشارة إليها، مدللا بما سمعه من خطب في صنعاء في فترات مختلفة منها "إشادة خطيب بغزو صدام للكويت ثم اتهام نفس الخطيب لصدام بأنه السبب في هيمنة الأمريكان على المنطقة ويصور الحبيب كيف "ضجت المنابر ضد الحزب الذي كانت الحرب في صفه (عام 1994) جهادا في سبيل الله بينما كان الرئيس يطلق حملته الانتخابية (2006) من جامعة إسلامية يرأسها داعية قيادي في حزب الخطباء، ويضيف: كانت المنابر تصدع في نفس الوقت بأن انتخاب منافس للرئيس واجب شرعي، لأن الرئيس كما يراه الخطباء (فاسد)". المسجد في أزمة وفي حالة اغتراب عن مجتمعه لهيمنة ثقافة دخيلة عليه، تجعله ينأى بنفسه عن الشأن العام وقد عبر عبدالرحمن بجاش في مقاله بصحيفة الثورة في 14 ديسمبر 2012 عن عزلة المسجد عن المجتمع بقوله: إن هناك خطباء لايزالون يهاجمون الاتحاد السوفييتي حتى اليوم ويكررون الحديث عن أمور لا علاقة لها بحياة الناس. باختصار ان المسجد الذي تعول عليه الدولة في مكافحة الإرهاب عاجز عن القيام بهذا الدور لأن جدول أعماله مختلف ومختطف ولأن ثقافة محاربة الإرهاب ليست جزء من ثقافته لأنه جزء من المشكلة وليس من الحل.
قراءة نقدية للمصفوفة: احتوت المصفوفة على مقدمة كان يجب أن تعبر عن الامتنان للثورة التي أطاحت بنظام التواطؤ مع الإرهاب وليس توجيه الاتهام لها كما سبقت الإشارة . من ناحية ثانية تناقضت المقدمة مع نفسها بوضعها عبء مكافحة الإرهاب على الإمكانيات المحلية ثم على العون الخارجي في مكان آخر. وأوضحت المقدمة بأن مواجهة الإرهاب متعدد الأبعاد ولن يكون أمنيا وعسكريا فقط، وإنما يتكامل مع البناء الوطني. وحددت هدفا رئيسيا هو القضاء على/ وتجفيف منابع التطرف والإرهاب، وتحديدا القاعدة كعدو يعتبر القضاء عليها مصلحة وطنية عليا، وأشركت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية كجهات منفذة. والأولى ممثلة بوزارات الدفاع والداخلية والإعلام والاقتصاد، والتربية والتعليم، والتعليم العالي والأوقاف والثقافة. ثم مؤسسات كالبنك المركزي فيما يخص غسيل الأموال وخروج ودخول العملة. والأحزاب والتنظيمات السياسية المؤتلفة حاليا. وتجاهلت المصفوفة دور وزارة الخارجية في مكافحة الإرهاب كظاهرة عابرة للحدود يتطلب تعاونا دوليا. وفي هذا الصدد حان الوقت لإنشاء إدارة لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية وإدارتين مماثلتين في رئاستي الجمهورية والوزراء واستحداث منصب وكيل وزارة في الداخلية لمكافحة الإرهاب.
كلفة التنفيذ: لم ترصد المصفوفة ميزانية لمحاربة الإرهاب وهذا خلل جوهري يضع ظلالا من الشك على تحقيق الهدف من المصفوفة والجدية في محاربة الإرهاب. لقد كلفت الخطة الوزارات بالإنفاق من ميزانياتها المحددة الأبواب والبنود التي تخلو من اعتماد لتمويل مكافحة الإرهاب. ومن المعالجات المعيبة في الكلفة طلب دعم إقليمي ودولي ثابت وسنوي يتلاءم مع حجم التحديات الاقتصادية، والخلط بين الدعم الاقتصادي وبين دعم مكافحة الإرهاب وكلاهما مسؤولية وطنية بالدرجة الأولى. وكمبدأ يجب ألا ندمن الاعتماد على الغير لأن العون الخارجي لم يبن اقتصادا لأية دولة. ويجب الحرص على أن نتجنب في النص النهائي للمصفوفة هذه الجزئية لكي لايصبح اعتمادنا على الخارج من ثوابت السياسة الخارجية. ومن المعالجات غير المحلية أيضا الطلب من دول الخليج فتح أسواقها للعمالة اليمنية وتشجيع الاستثمار في اليمن، وهذا جيد ولكن في الظروف الراهنة سيظل هذا الأمر مجرد تمنيات إذا لم نرتب البيت بجميع مرافقه من الداخل.
المحاور:اشتملت المصفوفة على عدة محاور، منها المحور السياسي و أطرافه هي القوى السياسية والحزبية الموقعة على المبادرة الخليجية. وفي هذا الصدد دعت المصفوفة الطرفين المؤتلفين في الحكومة إلى تقاسم وظيفة سيادية مع الدولة غير مدركة بأنهما يؤديان مهاما مؤقتة مرتبطة بمرحلة الانتقال.. إن لمكافحة الإرهاب بعداً أساسياً وهو البعد الأمني، والأمن وظيفة سيادية لايصح التنازل عنها تحت أي ظرف. وتكرر هذا التنازل عند الطلب من مختلف القوى السياسية والحزبية والقبلية والاجتماعية، خصوصا تلك الموقعة على المبادرة أن تتكاتف من أجل مكافحة الإرهاب. وفوق هذا الزمت هذه القوى بالتوعية السياسية في أوساط كوادرها، وهو أمر لاحاجة له إلا في أوساط قوى سياسية جهادية علنية أو مستترة.
المحور الاقتصادي: تضمن آليات لمكافحة الإرهاب بعضها خارج السياق. وربطت المصفوفة نجاح مكافحة الإرهاب بتحقيق نمو اقتصادي والقضاء على البطالة. أما عن تشجيع الاستثمار الزراعي والصناعي والسياحي فهناك شك حول حدوث تقدم فيه في وضع غير مستقر. وتضمن المحور بعض ماكان سائدا من لغة مضللة في عهد صالح ك"توسيع المشاريع الخدمية في المناطق النائية". وهنا قد يتصور المرء بأن كل ماتحتاجه هذه المناطق هو إكمال النواقص، وأن لديها الكثير ممايسد حاجاتها الخدمية. والجدير بالذكر أن صالح كان مغرما باستخدام كلمة تعزيز وعلى خطاه نستخدم كلمة توسيع.
المحور الثالث غسيل الأموال: غسيل الأموال عمليات عابرة للحدود وقد خلت المصفوفة من أية إشارة للتعاون الإقليمي والعربي والدولي ويفضل النص على إصدار تشريع وطني لمحاربته.
المحور الإعلامي: تحدثت المصفوفة عن وضع استراتيجية إعلامية شاملة لوزارتي الأوقاف والثقافة ودعوة علماء وخطباء من الخارج والقيام بتوعية فكرية. وكلفت الوزارة بما ليس من اختصاصها كإنشاء ليس مركزا واحدا وإنما مراكز دراسات وبحوث تهتم بقضايا الإرهاب. وكلفت الوزارة ب"السعي لتحقيق استراتيجية عربية شاملة من خلال الطرح على جامعة الدول العربية لوضع تشريعات إعلامية.." وهذا تنازل عن الحق في التشريع الوطني الأقدر على تجسيد الاحتياجات والأولويات. ولم يكن هناك داع للجوء إلى الجامعة لأن فشلها الأكبر هو في المجال الإعلامي. أما ما كان يجب تجنبه فهو عدم التذكير بنظام صالح ولغته المرسلة ك"تنبيه مراسلي الوسائل الإعلامية بضرورة الالتزام بالثوابت الوطنية ومراعاة المصلحة الوطنية العليا ما لم فسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم. هنا برزت من جديد لغة الدولة العميقة. هؤلاء لاعلاقة لهم بثوابتنا المحرومين منها في بلدانهم لأنهم ناقلو معلومة وخبر. ومن الخطأ أن نهددهم بعقوبات، لأن هذا يعني أننا نجردهم من حقهم في العمل بحرية. في الإعلام يلتزم الإعلامي مواطنا أو أجنبيا بمدونة سلوك ولا علاقة له بثوابت مطاطة لاتعريف لها.
المحور العسكري: يقع على القوات المسلحة العبء الأكبر في محاربة الإرهاب ويؤخذ على هذا المحور ربطه رفع القدرات بمصادر التمويل الخارجي وورود تفصيلات ليست في محلها.
المحور الأمني: تضمن بديهيات ليس محلها المصفوفة وبعضها ليست من مهام وزارة الداخلية ومنها: 1- نصائح لرجال المرور في تعاملهم مع المواطنين وتجنب الاحتكاك بهم أو ابتزازهم الخ، وهذا إقرار رسمي بفساد مستفحل في هذا القطاع الحكومي. 2- إنشاء سجون جديدة خاصة للمتطرفين من القاعدة. أليس لدينا مايكفي من سجون وهل نريد جوانتنامو يمنية ؟ .3- قيام وزارة الداخلية بما ليس من اختصاصها كإجراء مسوحات ميدانية لمعرفة أسباب انخراط الشباب في التنظيمات الإرهابية وتوفير القبائل غطاء وحماية لتلك العناصر وإجراء استطلاع لقياس تعاطف الرأي العام اليمني مع الإرهابيين.
هيئة لمكافحة الإرهاب: يمكن القول بأن المصفوفة ستشكل مرجعية وطنية ولتجنب نقاط الضعف والتداخل فيها يستحسن مراجعتها وهذه المرجعية لن تتحول إلى عمل حي وملموس إلا بإنشاء هيئة لمكافحة الإرهاب تكون هي همزة الوصل والمنسق والمتابع لكل أنشطة المكافحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.