(1) لم تشهد حضرموت، منذ عرفت الصحافة المقروءة في بداية القرن الماضي، فراغاً صحفياً مثلما تشهده اليوم، إذ أنه لم تطل ستينيات القرن الماضي حتى كانت مدينة المكلا تتناوبها خمس صحف أسبوعية تغطي أحداث الساعة واليوم، في تنوع معرفي وفكري وثقافي وتبادل حوار سياسي ثرٍ وناضج بين تلك العقول التي كانت ومازالت العنوان المجيد للصحافة الحضرمية منذ تلك المرحلة الزمنية حتى اليوم. (2) إذ يبدو واقع الحال، في اللحظة الراهنة، في غاية البؤس والضحالة، ولم يعد هناك من نشاط مهني صحفي يتعامل مع ظواهر الحياة ومشكلات المجتمع بجدية ومثابرة ومواجهة، وتسليط بؤرة الضوء على نبضه اليومي وهامشه المسكوت عنه والمسكون فيه، الأمر الذي يقلل من دور الواجهة الإعلامية الرسمية، صحافة وإذاعة، وهما النافذتان الوحيدتان المعنيتان بتشكيل وإعادة تشكيل وعي المجتمع وفق منهج معياري إعلامي ناضج بالحرفية الكبيرة يحدث تراكماً مرغوباً فيه، ولا يدفع إلى اهتزازات تضيف عنتاً وشدة وحدة بين عناصر المجتمع كافة. (3) وإذا أردنا التوقف، برهة، عند الصحيفة الحكومية الوحيدة في حضرموت، (شبام)، سنجد أنفسنا أمام إشكالية صعبة التفكيك في ظل تردي الأوضاع التي تعانيها مؤسسة دار باكثير التي تصدر عنها، فهناك تراكم لمشكلات مالية وإدارية وتقنية ومهنية تعانيها المؤسسة في السنوات الثلاث الماضية وازدادت تضخماً خلال العام الجاري دون أمل في زحزحة هذه المعضلات ووضع آلية مركزية أو محلية لتجاوزها، حتى تنطلق شبام مناطحة السحاب في تمرير رسالتها الصحفية في فضاء حضرموت خاصة والوطن عامة. (4) لذلك نأمل أن يتم مواجهة الاخفاقات التي سلبت (شبام) الدور المجتمعي برؤية عميقة، وبفهم كبير لمدى أهمية الميكنة الصحفية في تغيير أنماط السلوك وتقويم الظواهر ونقد الاختلالات المؤسسية دون حاجة إلى نشر غسيل السلبيات في الصحف الأخرى، فبقدر شغل الصحافة المحلية لمساحة في البنية الثقافية والاجتماعية والسياسية بقدر تلاشي المساحات الأخرى لصحف تستثير القارئ، وتعمل على ملء الفراغ الصحفي الذي تركته هذه الصحيفة أو تلك.. فهل يكون القادم لإدارة العمل في مؤسسة باكثير وصحيفتها (شبام) بمستوى الطموح والأمل المرجو، أم أن الفراغ سيزداد والغير سيملأه؟ وكفى!.