كم هو مخجل ومؤلم أن يخرج اللقاء التشاوري لأحزاب المشترك مع أنفسهم بذلك البيان الاتهامي الجارح لكل الوحدويين الشرفاء الذين لا يجدون به اختلافاً مع البيان الصادر عن الانفصالي القديم الجديد المدعو علي سالم البيض.. هذا الحي الميت سياسياً، الذي اختار وبدون رجعة الخروج النهائي من تاريخ الشعب وذاكرته وذكرياته الوطنية الجميلة بحكم ما اقترفه من جرائم خيانية تقشعر من هولها الأبدان أوصلت إلى حد الحكم على نفسه بالاعدام مرتين متتاليتين. بيان البيض الداعي علناً إلى فصل الجنوب عن الشمال لا يختلف من حيث لغته وعباراته ووقاحة اتهاماته عن البيان الأول للتشاور الصادر عن أحزاب المشترك الذي لم يدن من المشاريع الصغيرة سوى ما وصفه بالأسرة الحاكمة - التي يقصد بها الرئيس المنتخب للجمهورية اليمنية - المدافع الوحيد عن الثوابت الوطنية للشعب اليمني، والذي كان بمثابة انقلاب حقيقي على الديمقراطية والوحدة، وكأن لا غاية له سوى العودة إلى تقاسم السلطة والثروة على قاعدة الشمولية والاشتراكية. أي أنه يتخذ من القضية الانفصالية للحراك الجنوبي والقضية الإمامية للحوثية العنيفة أوراق ضغط سياسية لإثناء رئيس الجمهورية وحزبه الحاكم عن المضي قدماً في أي حوارات مستقبلية نحو الشرعية الانتخابية كبوابة وحيدة للتداول السلمي للسلطة، لأنهم يبحثون عن مرحلة انتقالية جديدة ولكن غير محدودة لتقاسم السلطة بشرعية حوارية تعيد للوحدة ما فقدته من الروح الثنائية للدولتين في دولة واحدة إما واقفة أو تتراجع إلى الخلف وغير قادرة على التقدم إلى الأمام لا مجال فيها لشرعية انتخابية تؤدي إلى التداول السلمي للسلطة كما هو معمول به في بلدان العالم قاطبة. يا لفجيعة الشعب اليمني بهذا النوع المتخلف من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تأبى إلا معارضة الوطن والشعب بدلاً من معارضة الأغلبية الحاكمة والحكومة، ويا لفجيعة الوحدة بهذا النوع من الأحزاب التي حولتها إلى سلعة للتجارة الرخيصة في سوق البحث عن موطن قدم في السلطة لا يمكن الوصول إليه بالديمقراطية. حقيقة لا أقصد بها المزايدة والمكايدة السياسية، بقدر ما أقصد بها إفراغ ما تراكم لدي من الغضب الناتج عن هذا النوع من الاستهبال المفضوح للمعارضة العاجزة التي ما برحت تبحث لنفسها عن نقاط ضعف ستقوى بها على المنافسة غير القادرة على الاستقواء بما يمكنها الحصول عليه من قوة انتخابية ديمقراطية. إنهم بمثل هذه المشاورات والحذلقات السياسية المبتذلة قد جعلوا من أجزابهم مصدر فساد يضاعف من المعاناة الناتجة عن الأزمة الاقتصادية والمالية والمتزامنة معها، وكأنهم يحاولون الانحراف بالتعددية عما وجدت من أجله من أهداف وغايات نبيلة إلى غايات انتهازية تجعل الشعب في حالة مواجهة عدائية مع الأحزاب المفلسة فلا يجدون ما يساعدهم على تحقيق هذا النوع من الأهداف الانتهازية سوى مساوماته على ما لديه من ثوابت وطنية لها صفة القدسية. إن التشاور مع الذات قد يكون نوعاً من المراجعة الباحثة عن ما هو مجهول من الأخطاء اللا إرادية، لكن التشاور الباحث عن أخطاء إرادية تضاف إلى الأخطاء اللا إرادية هو نوع من الشطارة السياسية المنافية لكل التقاليد والأعراف السياسية المتناغمة مع ما هو نافذ من المرجعية الدستورية والقانونية. إنه ذلك النوع من الفوضوية الساخرة والساخطة على الشعب وكل ما لديه من المكاسب والمنجزات والمقدسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية يجعل للسلطة مهام غير مهامها، ويجعل للمؤسسات سلطات غير سلطاتها التي توجب عليها التفرغ للانشغال بإصلاح ما تحدثه الأحزاب المتمردة على سيادة القانون من مشاكل يومية يستدل منها على الانحرافات السياسية التي تصور الديمقراطية بأنها بمثابة سلاح للهدم وإشاعة الخراب والدمار وما ينتج عنهما من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تفقد الدستور قدسيته والقانون هيبته والدولة فاعليتها في التفرغ للتخطيط والبرمجة ورسم السياسات العلمية ذات الصلة بتحقيق ما يتطلع إليه الشعب من الرخاء والازدهار الاقتصادي والاجتماعي المرتبط بتحسين الأوضاع المعيشية في هذا الزمن الصعب الذي تحولت فيه الحاجات البسيطة إلى حاجات معقدة لم يعد فيها الهدف تحقيق القليل من التنمية الاقتصادية والاجتماعية. أعود فأقول إن هذا النوع من البيانات الديماغوجية المؤسفة لا يشرف أحزاب اللقاء المشترك التي أثارت فيه الكثير من شبهات الاتفاق الضمني مع المدعو علي سالم البيض؛ ولكن في أدوار تكتيكية مهما اختلفت على الوسائل إلا أنها تضع الوحدة ورقة في مهب رياح المساومات العاتية التي سوف تتحطم على صرح الصمود العظيم لشعبنا اليمني البطل الذي يدين بالولاء والطاعة لقائده العظيم الرئيس علي عبدالله صالح، صاحب أمجاده الشامخة شموخ الجبال اليمنية مهما حقد الحاقدون وكاد له الذين لا خير فيهم سوى أطماعهم التي أعمتهم عن الصواب وحالت بينهم وبين المواقف الوطنية المشرفة لهم ولأبنائهم وأحفادهم من بعدهم التي سوف تقلق الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في مرقده الأبدي.