شيء يثلج الصدر تلك الأخبار التي تواردت إلى مسامعنا عن النقاشات الجريئة والحوارات الصادقة والمسئولة التي سادت أعمال المؤتمر الفرعي الأول للسلطة المحلية بمحافظة حضرموت، وما اتسمت به من الوضوح والصراحة المطلقة في تناول العديد من الموضوعات وملامسة الكثير من القضايا والمتطلبات التي تهم عامة أبناء هذه المحافظة.. وهذا شيء إيجابي له أثر بالغ ويكتسب أهمية وقيمة حيوية في نفوس المواطنين تعزز وتؤكد صدقية الممارسة الديمقراطية وإشعال جذوة حماس السلطات والمجالس المحلية في التفاعل مع التوجهات نحو الانتقال إلى مرحلة متقدمة من إدارة الشأن المحلي من خلال تطبيق نظام الحكم المحلي القادر على تحقيق التنمية المحلية في إطار التنمية الوطنية الشاملة وإدارة الشأن المحلي في جميع المجالات وصولاً إلى تحقيق ما حددته الاستراتيجية الوطنية للحكم المحلي التي تم إقرارها في 28 أكتوبر 2008م في الاجتماع الوزاري الذي ترأسه فخامة رئيس الجمهورية وشارك فيها محافظو المحافظات والأمناء العامون للمجالس المحلية بمحافظات الجمهورية. ربما نحن منذ سنوات - وخصوصاً في حضرموت - لم نسمع عن مثل هذه المناقشات المؤثرة والتشخيصات المعمقة للقضايا التي تهم الشأن المحلي بتلك النبرة التي فيها الحذر والحرص الشديدين على تثوير أجهزة السلطة المحلية والوحدات الإدارية لتقوم بواجباتها ومسئولياتها الوطنية ومواجهة استحقاقات التنمية.. وبالرغم مما قيل عن المؤتمر الفرعي وما سيقال عنه لاحقاً وخاصة في محاولات الانتقاص من فاعليته وجدواه إلا أن تلك النقاشات والأطروحات والآراء القيمة التي أسهم بها العديد من قيادات المجالس المحلية والكوادر المشاركة في المؤتمر سوف تدحض تلك الأقاويل والتخرصات وينبغي أن يخضع ذلك الإثراء إلى أجندة وبرنامج عمل من أجل التحسين والتطوير وتجنب القصور والعثرات, ويجب أن تكون الآذان صاغية لكل المصلحين والخيرين في هذه البلاد لتغليب مصلحة الوطن وخدمة المواطنين. ومما أثير في المؤتمر الفرعي للسلطة المحلية في حضرموت من قضايا وموضوعات متعددة تعد مؤشرات جيدة ومحفزات قوية للعمل الجاد والصادق نحو تحسين أداء الأجهزة التنفيذية والخدمية في التعامل مع قضايا المواطنين وجعلها قادرة على مواجهة كافة التحديات المعيقة للتطور .. ولكن كيف يتم الاستفادة وتوظيف تلك الأجواء والتجليات في خلق حراك مستمر للنهوض بأوضاع المحافظة وتمكين أجهزتها المحلية من القيام بأدوارها ومسئولياتها دون تعقيد أو عراقيل. وأعتقد أن المؤتمرات الفرعية للسلطات المحلية في المحافظات هي البداية والخطوة الأولى للولوج إلى تحقيق الحلم الجديد الذي يتطلع إليه أبناء المحافظات من خلال الوصول إلى الحكم المحلي المنشود الذي سيمكن من التنافس في الإنجاز والنهوض التنموي من خلال الشروع في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للحكم المحلي التي تتطلب بناء منظومة وحزمة تشريعية وقانونية وتطوير البنية المؤسسية وتنمية القدرات البشرية والإمكانيات المادية اللازمة بما يمكن وحدات الحكم المحلي من المساهمة الإيجابية وبمهنية وكفاءة عالية في تحقيق الأهداف التنموية المحلية والوطنية وفي مقدمتها توسيع المشاركة الشعبية في إدارة الشأن المحلي وتقديم الخدمات المختلفة للمواطنين . إن كافة القضايا والموضوعات التي تم إثارتها من قبل أعضاء المؤتمر الأول للسلطة المحلية في حضرموت ينبغي أن تكون ضمن أجندة عمل السلطة المحلية وأجهزتها المختلفة خلال الفترة القادمة والدخول في وضع معالجات عاجلة وأساسية للمشكلات والتحديات وعدم ترحيلها أو إغفالها وخاصة فيما يتعلق بقضايا الأراضي والتوظيف والعمالة في الشركات النفطية العاملة بمناطق المحافظة وكيفية التعامل مع الشركات المقاولة أو تلك التي تعمل من الباطن في المحافظة وإشكاليات تعثر وضعف في تنفيذ المشاريع وغيرها من القضايا والتناولات الأخرى .. فقد وضعت المناقشات الجادة التي شهدها المؤتمر الفرعي الأول للسلطة المحلية في حضرموت قيادة السلطة المحلية في محك حقيقي وهي تمضي في طريق الانتقال إلى المرحلة الجديدة التي نأمل أن تكون معززة بالدعم والمؤازرة والنوايا الحسنة . [email protected]