في ستينيات القرن المنصرم كتب الفيلسوف والمفكر الفرنسي «روجيه جارودي» كتاباً هاماً بعنوان «واقعية بلا ضفاف»، وفي هذا الكتاب بالذات قارع روجيه جارودي النظريات المادية الميكانيكية المؤدلجة، واعتبر أن الدعوة المُنحسرة في مفهوم الواقعية الاشتراكية لا علاقة لها بالواقعية الحقيقية، واعتبر أن الواقعية الاشتراكية خطاب أيديولوجي مُخاتل، فيما قدّم نماذج للتدليل على الواقعية في الفن، ومنهم الشاعر سان جون بيرس صاحب الباع الطويل في التحديث الشعري الفرنسي ، والظلال الوافرة على كوكبة شعراء الحداثة العرب من جيل الستينيات، والفنان التشكيلي بيكاسوا المنغرس في التجريب حد الاحتياط، والذي ملأ الدنيا وشغل الناس باشتعالاته الأفقية.. على خط متصل ذهب «ارنست فيشر» و «جورج لوكاش» ذات المذهب، ودلّلوا على أن الواقعية في الفن حالة جبرية، ولهذا لم يخبُ مفهوم الواقعية، بل تألق مجدداً مع الأدب الروائي في أمريكا اللاتينية الموصوف بالواقعية السحرية. ماذا يعني كل ذلك ؟ .. المعنى الأساسي هو أن كل فن واقعي بطبيعته حتى وإن تقمص أشكالاً غير مباشرة، والشاهد أن منظور اللوحة السطحية ذات الطول والعرض إيهام بصري بالبُعد الثالث، مما يضعنا في بداية التجريد، لذلك كان التجريد ومازال متصلاً بالواقعية جبراً لا خياراً، وهكذا يمكننا النظر إلى مفهوم الواقعية في الفن بوصفه قيمة مطلقة تتماهى مع كل المدارس الوصفية الفنية .