ظاهرة الغش تفشت في كافة اختبارات الثانوية العامة لدرجة أنه أصبحت كل محافظة تفاخر أختها بالطرق والوسائل المتبعة عند طلاب يقف وراءهم دون خجل أهلهم وذووهم وأصدقاؤهم الذين نشاهدهم كل يوم يتجمهرون أمام أبواب المدارس حاملين شوالات من البراشيم.. .. الظاهرة تحولت إلى تجارة رابحة عند أصحاب المكتبات بعد أن كانوا يبيعون كتباً مثل «سلاح التلميذ وأجوبة الرياضيات والفيزياء والكيمياء» في هذا العام وجدناهم يبيعون البراشيم ولم يبق سوى أن تضع المكتبات إياها يافطات على واجهاتها لتعلن «هنا يتوفر الغش بأسعار منافسة». .. في تعز قامت إدارة الأمن بحملة لضبط المتجمهرين أمام المراكز الاختبارية داخل المدينة وشاهدنا العقيد علي العمري - مساعد مدير الأمن - يبذل جهوداً جبارة في هذا المضمار ولكن مهما كان دور رجال الشرطة فإنه ولاشك سيكون الدور غائباً في كثير من مديريات المحافظة. .. الغش أصبح حقاً مشروعاً عند طلاب الثانوية العامة وتحوَّل السماح لهم بإدخال البراشيم إجبارياً على المراقبين الذين لم يجدوا لشكواهم آذاناً صاغية من شحة المخصصات المعتمدة لهم، فماذا يمكن أن يصنع المراقب الغلبان بمائتي ريال في اليوم ويا ليتها تصل إليهم. لذا نجد من يفرق الطلاب مبالغ مالية حتى يضمن المراقب حق القات ومصروف أم العيال، ولا غرابة إن وجدنا مراقباً يبيع البراشيم داخل قاعة الاختبارات على اعتبار ان المراقبين في بعض الارياف اشترط الأهالي عليهم الغش مقابل الغداء فالمراقب الذي «سيزر» على أبنائهم سوف يميتونه جوعاً بحرمانه من وجبات الفطور والغداء والعشاء. .. هناك محافظات أسهم المجلس المحلي فيها بدعم الاختبارات برصد مبالغ إضافية بينما اكتفت المحافظات الأخرى بما رصد لها عبر وزارة التربية والتعليم، من (ملاليم) جعلت الغش على المكشوف وهنا لن تجد وزارة التربية والتعليم سوى تمني العودة إلى غش زمان (وقل للزمان ارجع يازمان) فقد كان الغش وقتها عسيراًَ. .. هناك محافظات لمع بريقها ويشار لها بالبنان بأن الغش فيها آمن والنجاح مضمون والمعدل بحسب البديل الذي يقوم بالإجابة عن طالب ظل طوال العام نائماً في العسل.. ومن الطرائف أن الوزارة عندما تنبهت للأمر اكتشفت حوالي ستة آلاف طالب وطالبة قدموا من تعز وإب وصنعاء زاحفين إلى الجوف حيث لا أحد يعود خائباً، وعندما صدرت التوجيهات بأن ما دون أبناء محافظة الجوف ينقل مركزهم الامتحاني إلى صنعاء وجدنا من الستة آلاف ألفاً وستمائة طالب وطالبة هم المتقدمين للاختبارات في العاصمة بينما الآخرون كان عوضهم على الله.. وكما يقول المثل: «راحت فلوسك ياصابر»، ولكن إذا استمر الغش على المكشوف وفي محافظات بعينها وضمن الطالب فيها شهادة ثانوية بمعدل قد يرسله لدراسة الطب في ألمانيا أو إيطاليا دون أن يبذل أي مجهود سوى مبالغ يبعثرها على المراكز الامتحانية فإن تلك الحمى ستنتقل إلى بقية المحافظات التي مازالت تحافظ على شعرة معاوية.. هنا لا نقول إلا على التعليم السلام وما على وزارة التربية سوى أن تبيع الشهادات الثانوية وتدخل لصندوقها إيرادات بدلاً عن المليارات التي تنفق في تعليم نهايته برشامة غش.