بالأمس القريب ابتهج الوطن اليمني الحبيب بذكرى الانتصار على مؤامرة الانفصال التي قادتها بعض العناصر المأزومة التي باعت نفسها وارتهنت للعمالة والارتزاق، فكم هو جميل جداً أن يتزامن الاحتفال بهذه المناسبة مع مسيرات جماهيرية حاشدة تأييداً للوحدة المباركة واحتفاءً بذكرى غالية على قلوب كل اليمنيين.. إلا أن مايؤلم ويؤسف له أن تطل برأسها هذه الأيام عناصر مريضة وحاقدة تبث سمومها القذرة في أوساط المجتمع سعياً منها لشق وحدة الصف والفتك بتماسك نسيج المجتمع اليمني من خلال الدعوة إلى الانفصال والتشطير والخروج بمسيرات تخريبية والشعارات المناطقية والانفصالية والقيام بأعمال التقطع ونشر ثقافة الكراهية والحقد بين أبناء الوطن الواحد بعد 91عاماً من عمر الوحدة المديد بإذن الله، حيث ينظر هؤلاء الأفراد إلى أن الوحدة بمثابة الصك، متجاهلين أن الوحدة قدر ومصير الشعب اليمني، ومن الصعب التفريط بها أو النيل منها، فهذا لايجوز لأن فيه مخالفة للتوجيهات الربانية والأوامر الإلهية التي حثت على التوحد والاعتصام وحذرت من مغبة ومخاطر الفرقة والشتات قال تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً) وقوله تعالى (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم). ولا أعلم هنا لمصلحة من يدعو هؤلاء إلى الانفصال في وقت العالم يسعى إلى اقامة تكتلات وتجمعات سياسية واقتصادية بعد أن تأكد لهم بأن العمل الفردي والأحادي لم يعد يمتلك القدرة على ادارة شئون الحياة بمختلف مراحلها.. العالم بأسره يحسدنا على نعمة الوحدة التي أكرمنا بها المولى عز وجل والتي جاءت مخلِّصة لنا من ترسبات ومآسي التشطير البغيض الذي ران على الوطن لسنوات عديدة فشاءت إرادة المولى عز وجل أن تعوضنا عنها بالخير الوفير في صبيحة الثلاثاء 22مايو 0991م عندما رُفع علم الوحدة وأزيلت براميل التشطير ونقاط العبور التي فصلت الروح عن الجسد وهي نعمة عظيمة يدركها كل من كابد مرارة البعد والحرمان في عهد التشطير. وأنا هنا أستغرب تماماً أن تلجأ هذه العناصر الانفصالية إلى التغرير ببعض الناشئة ممن أبصروا الحياة في عهد الوحدة الميمون واستناروا من اشراقات مكاسبها الخالدة التي غيرت الصورة القاتمة لليمن وأبدلتها بصورة زاهية في غاية الجمال والروعة تجلت في كافة ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه، فما من أرض ولاسهل ولاجبل إلا ووصلته خيرات الوحدة التي لاينكرها إلا حاقد أو جاحد، هؤلاء الناشئة الذين تم التغرير بهم برؤى وأفكار ظلامية هدامة لايدركون عواقب مايرفعون من شعارات خطيرة تمس السيادة العليا للوطن وهم اليوم ضحية عناصر تجري الخيانة في دمائهم مجرى الدم ويصدق عليهم قول أبي الطيب المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا لم يحسنوا ظن القيادة السياسية بهم فتنكروا للعفو العام ونهج التسامح الذي أبدته حيالهم خلال أحداث حرب صيف 49م، وعمدوا إلى افتعال المشاكل والأزمات، وتنكروا لكل الانجازات والتحولات التي شهدها الوطن خلال 91عاماً من عمر الوحدة المباركة وراحوا ينخرون في جسد الوحدة في محاولة بائسة للنيل منها. ورغم كل الحلم والتغاضي الذي حرص عليه فخامة الرئيس القائد علي عبدالله صالح ازاء التعامل مع هذه العناصر المثيرة للشغب والتي تسعى للانقلاب على إرادة وخيار الشعب اليمني وتوجيهاته الحكيمة بالتحلي بالصبر وعدم الانجرار نحو ازهاق الأرواح ونزيف الدماء، إلا أن عشق هذه الزمرة الخارجة عن النظام والقانون والاجماع الوطني للخراب والدمار والدماء أبت إلا أن ترتكب حماقاتها غير المعقولة بالاعتداء على رجال القوات المسلحة والأمن ونهب الممتلكات العامة والخاصة، في وقت أضحت هذه العناصر منبوذةً في أوساط المجتمع تلاحقهم نظرات السخط والاستهجان الجماهيرية الواسعة التي تهتف قلوبها بحب الوطن ووحدته المباركة. ومما يجدر الاشارة إليه هنا أن الوحدة اليمنية بعد 91عاماً باتت عصية على المؤامرات والمخططات التي تروج للمشاريع الانفصالية الصغيرة ولم يعد هناك من خوف أو قلق عليها، فهي محروسة بعناية الله وبإرادة الشعب القوية وحكمة وحنكة القيادة السياسية وبطولات العيون الساهرة الذائدة عن حمى الوطن المدافعة عن أمنه واستقراره.. ومثلما تصدى الوطن لمؤامرة الانفصال في صيف 49م سيتصدى مرة أخرى للدعوات الانفصالية التي تعالت أصواتها في الآونة الأخيرة وسيقف أبناء الوطن سداً منيعاً أمام هؤلاء الخونة والعملاء وكلهم ثقة وايمان راسخ لايتزعزع بأن مايقومون به هو في المقام الأول واجب ديني وضرورة ايمانية على كل يمني غيور انطلاقاً من حديث الرسول الكريم«صلى الله عليه وآله وسلم» القائل: «حب الوطن من الايمان»، وهو في ذات الوقت واجب وطني لامناص عنه أو تراجع، ولابد أن يعي هؤلاء الشطريون والرجعيون أن حيلهم وألاعيبهم وأعمالهم التخريبية والاجرامية لن تعود عليهم إلا بالويل ولن يجنوا منها سوى الشوك وسيظل اليمن شامخاً أبياً، وستظل وحدته قويةً راسخةً، وسيبقى الوطن بإذن الله آمناً مستقراً ينعم كل أفراده بالأمن والأمان مهما أرجف المرجفون. أدام الله على يمننا الحبيب نعمة الوحدة والأمن والأمان والايمان ونسأله جل وعلا أن ينزل غضبه وسخطه على دعاة الفرقة والشتات والتشرذم والانفصال، اللهم من أراد بلادنا ووحدتنا بشرّ فرد كيده في نحره، اللهم اجعل تدبيرهم في تدميرهم واشغلهم بأنفسهم حتى يعودوا إلى الرشد والصواب، أنت ولي ذلك والقادر عليه، نعم المولى ونعم النصير.