وأنا أتصفح الجريدة الرسمية أحد الأعداد الصادرة عن وزارة الشئون القانونية والتي تحوي بين دفتيها مجموعة من القوانين والقرارات، لفت نظري فيها القرار الجمهوري رقم «71» لعام 7002م القاضي بإنشاء لجنة خاصة لمتابعة وتقييم الظواهر الاجتماعية السلبية التي تؤثر في نشاطها عموماً على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية وكذا في مختلف الجوانب التنمية.وقد وقفت ملياً أفند ماسبق من المصطلحات كل على حدة، حيث يصلح كل منها لأن يكتب الباحث بحثاً مستقلاً عن الآخر نظراً لأهميتها ولما تحمل كل منها موضوعاً خاصاً ومسميات مثل المتابعة والتقييم، والسلم الاجتماعي، والوحدة الوطنية، وضعوا تحت هذا الأخير أكثر من خط أحمر نظراً لحساسيته وأهميته ولما يحمل من دلالات كثيرة معاشة وهو حديث الزمان والمكان والساعة أيضاً الذي لايقل سخونة على الساحة اليمنية. وعند قراءتي المتأنية لهذا القرار اطمأن قلبي لأكثر من سبب يأتي في مقدمة ذلك أن ديباجته قد استندت على قاعدة الثوابت الوطنية المتمثلة في مبادئ وأهداف الثورة اليمنية والنظام الجمهوري والوحدة الوطنية والديمقراطية وهي قاعدة صلبة وقوية لايحيد عنها إلا من عنده انفصام عقلي ومن باب النصيحة وفعل الخير لا نكاية أو شماتة في ذلك عليه التوجه إلى أقرب مصحة لعرض نفسه على طبيب متخصص لمثل هذه الحالة قبل فوات الأوان..وهذا ليس عيباً لأن العيب هو في الاستمرار في ممارسة الأخطاء التي تضر بمصلحة الوطن المتمثلة بالثوابت الوطنية من منطلق أن هذه الممارسات ظاهرة سلبية مصدرها نفر من الناس. فعلى سبيل المثال نجد أن الثأر إحدى هذه الظواهر التي يجب الوقوف إزاءها بحزم من أول وهلة وذلك باطفاء نيرانها التي قد تبدأ من مستصغر الشرر وهذا الجهد لن يؤتي ثماره الطيبة والايجابية مالم تتكاتف كل الجهود إلى جانب القيادة السياسية والجهات المختصة. وبنظرة إلى الوراء سنجد أن مثل هذه القضايا تسحب نفسها إلى الأمام لعدم وجود رادع يوقفها فأصبحت موروثاً من مخلفات الماضي البغيض ومخلفات إمامية عفنة واستعمارية سلاطينية حاقدة على الوطن ومنجزاته الوحدوية وتظل النظرة إلى الأمام هي الأمل المفتوح على المستقبل بتفاؤل مادمنا ننبذ مخلفات الماضي وبما يعزز الوحدة الوطنية القاعدة الصلبة للوحدة اليمنية المباركة.. ومن الأسباب التي جعلتني أطمأن أكثر في صوابية مثل هذا القرار أعضاء اللجنة المشكلة لهذا العمل الوطني الذين لايقلوا أهمية عمن حافظوا على الثورة والجمهورية. وهذه اللجنة قد تم اختيار اعضائها بدقة عالية، حيث ضمت مختلف ألوان الطيف السياسي في الساحة اليمنية بصرف النظر عن توجهاتهم السياسية والحزبية، فقد جمعت اللجنة في تشكيلتها التي بلغت «25» شخصية تم اختيارهم من قائمة المنظومة السياسية والاجتماعية والعسكرية والدبلوماسية والثقافية والأدبية.. ومن الأسماء التي لفتت نظري شخصيات لها وزنها في المحافل اليمنية وعلى رأسهم الشخصية الوطنية سالم صالح محمد الذي أوكل إليه مهمة رئاسة اللجنة ونائبه صادق أمين أبو رأس وغيرهما بالاضافة إلى أمناء عموم المجالس المحلية بالمحافظات وكون اللجنة هي في غاية الأهمية من حيث عملها الا أن الأهم في ذلك يبقى في التطبيق وقد وجدت النظرية المتمثلة بالقرار ومضمونه وأهدافه والمهام المحددة فيه وتبقى الصلاحية على رأس هذه النظرية. ومن خلال متابعتي فإن اللجنة كانت قد بدأت عملها منذ فترة ولكنها توقفت لأسباب لا نعلم تفاصيلها وتبقى الرسالة التي استطيع إيصالها من خلال هذا الحيز إلى اللجنة المعنية هي ما دوركم في معالجة مايجري على الساحة من ظواهر سلبية اجتماعية تضر في الأساس بالمجتمع والوحدة الوطنية وهي رسالة موجهة إلى جميع الإخوة اعضاء اللجنة كونهم أصحاب المهمة الملقاة على عاتقهم والقيادة السياسية تنتظر منهم رفع تقارير تتضمن معالجات بهذه الظواهر السليمة.. خصوصاً أن أعضاء اللجنة هم شخصيات لهم باع طويل في معالجة كثير من الاختلالات فالشخصية أياً كانت لايكفي أن تكلف بمهمة كبيرة وجسيمة مالم تقدم المزيد في وضع المعالجات خصوصاًَ في هذا الظرف فالمشورة والنصح وطرح المشاريع الجوفاء لافائدة منها مالم يتبع القول العمل. إن من يطرحون مشاريع حلول للقضية الراهنة في الوطن في غنى عنها لأنهم كمن يصب الزيت على النار، ومثل هؤلاء إما أنهم يبحثون عن مصلحة شخصية أكبر أو تلميع حزبي على حساب الوطن والوحدة التي سبق البت فيها من خلال استفتاء شعبي. ومن الظواهر السلبية التي أود طرحها على طاولة لجنة تقييم المظاهر الاجتماعية السلبية وهي كثيرة أبرزها انتشار المظاهر المسلحة والتقطع في الطرقات وظاهرة الاختطافات المتكررة، ولمناقشة مثل هذه الظواهر نتمنى أن يتم عقد اجتماعات لمناقشة مثل هذه القضايا ودراسة الاختلالات والسلبيات المصاحبة لها والعمل على حل مايمكن حله أو رفع القضايا مشفوعة بالتصورات على الأقل إلى القيادة السياسية. فهل قامت اللجنة بدراسة قضايا التعصبات القبلية والمناطقية والمذهبية التي نحن في غنى عنها، وهل وقفت اللجنة أمام مايقوم به البعض من ممارسات سلبية تنم عن ثقافة المناطقية والكراهية التي تضر بالوحدة الوطنية.. هل قامت اللجنة بدراسة ميدانية قريبة من الواقع المعاش لمعرفة ماتبقى من آثار حرب صيف 49م وبالتالي حل ماأمكن حله ورفع تصور بالحلول الناجعة للقيادة السياسية ولاخراس من لايزالون يحنون إلى نزعة الانفصال والتي أصبحت من أحلام الماضي.. ونحن نطرح مثل هذه التساؤلات ليس الا من باب المشاركة التي يفرضها علينا ضميرنا في الوقت الذي ندرك صعوبة عمل اللجنة وصعوبة تفرغها وهذا الطرح ليس لغرض حل جميع القضايا في ليلة وضحاها بل حسب خطة ترسم ويخطط لها سلفاً وعلى أساس آلية عمل وهو عمل وطني هام، ندرك جيداً أن اللجنة لاتملك العصا السحرية لحل كافة القضايا وانما حل ماتقدر عليه وتترك البقية الباقية من خلال التقرير الدوري على الأقل الذي ترفعه للقيادة السياسية وبإمكان اللجنة الاستعانة بآخرين وليس عيباً في ذلك ومنهم ذوو الخبرة والكفاءة المتخصصة على أساس لجان مصغرة مساعدة للجنة الرئيسية، ونحن على ثقة من أن اللقاءات المتكررة ستولد لدى أعضاء اللجنة فهم كثير من القضايا الساخنة على الساحة اليمنية والتي تنطوي على ظواهر سلبية البلد بأمس الحاجة إلى من يوقف سيرها خصوصاً أن الكل يتضرر منها.