يحاول الحاقدون الانقضاض على الماضي، بغية إعادته إلى الحاضر والمستقبل، وهذا دليل أكيد على الفراغ الذهني الذي يعيشه نفر مريض من الناس. من حق المجنون أن يحلّق في الأوهام وأن يحيا مفكراً سادراً في الأحلام كما يريد، ولكن حقه على أهله كبير أن يذهبوا به إلى الطبيب ليعود إليه عقله ويرجع إليه رشده. من يقرأ التاريخ اليمني المعاصر سوف يلحظ أن ثلاثة من الثوابت الوطنية لما تزل تستهدفه حتى اللحظة. والثابت الأقرب معاصرة هو ثابت «الوحدة» الذي - وللأسف الشديد - يظل مستهدفاً من الداخل قبل الخارج، وهو الثابت الذي لا يقل عن أخويه الثابتين المقدسين «الوطن» و«الثورة». كان الشعب قد بدأ يطمئن إلى بداية حياة يحاول فيها أن يستقر ليعيش كما تعيش بقية الشعوب التي تحررت من حكم مستبد ظالم ومستعمر غشوم، فلقد دفن الماضي البغيض إلى الأبد. ولكن اتضح أن هناك أشخاصاً يقدسون ثقافة القبور، يحلمون بعودة الإمامة المقبورة التي لم تعش لا لنفسها ولا لشعبها، وعودة الاستعمار الذي فرّق ولم يسد. إذ الشعب اليمني كان عليه عصياً، أرغمه على الانسحاب؛ مجللاً بالعار والخزي، وكان هذا الشعب اليمني أحد أسباب غروب شمسه التي ما كانت لتغرب. في صعدة يحاول فكر متخلف بليد أن يعيدنا إلى ماضٍ كئيب، وفي بعض محافظات الجنوب يطمع حمقى أن يعيدونا إلى راية الإقطاع الهمجي والاستعمار البغيض. ونحن نعلم ما تقوم به الحلقات الاستعمارية التي تدفع ثمن المظاهرات وتجهّز سيارات المشاغبين؛ غير أن هذه الأموال ما كانت لتخرج من جيوب الطامع لولا ارتهان أحمق، وبلادة صماء!!.