خلافاً لما يعتقد جيلنا، أو يحمل من أفكار حول جيل شباب اليوم تعيقهم من آمال المستقبل، فإن ثمة حياة أخرى مفعمة بالحيوية والعطاء، وتتفجر طموحاً، تنبئ بغد ساطع الاشراق، وحياة مختلفة تماماً عمّا نعيشه اليوم.. قد نشكو، ونتذمر من ضعف الرعاية المقدمة للشباب، وذلك لأنه مهما قدمت الجهات الرسمية والمدنية لأبنائنا فإننا مقتنعون بأنهم يستحقون أكثر وأكثر، لأنهم رهاننا الوحيد للمستقبل، أما الذين يشكون ويتذمرون نكراناً للنعمة، واستخفافاً بقدرات شبابنا، فإنهم في دواخلهم مقهورون من هذا الزحف الشبابي الجبار الذي بدأ يجتث تخلف الأجيال التي سبقته، ويدنو من معاقل القوى الرجعية، والانتهازية، والفاسدة التي باتت ترتعد خوفاً على مصالحها، ومراكزها من إحلال القوى الشبابية التحديثية، لذلك هم يستنفرون مقراتهم، ومنابرهم، وأقلامهم لغرس الاحباط في نفوس الشباب، وجرهم إلى مستنقع اليأس كي يعيقوا مسيرة تقدمهم، ويشلّوا إرادتهم عن ردم مخلفات الزمن البائد.. اليوم، ونحن نحيي ذكرى اليوم العالمي للشباب لا يسعنا إلا أن نقول لمروجي ثقافة الاحباط واليأس: انظروا إلى هذا الزحف الشبابي المهيب على أبواب الجامعات الحكومية والأهلية، وتأملوا في وجوه أبنائنا قوة العزيمة والإرادة، واحسبوا وأنتم قابعون في كهوف تخلفكم كم من الأطباء والمهندسين، والمدرسين، والفنيين، والإعلاميين، والمثقفين سيحصد الوطن كل عام. انظروا إلى الأسواق كم من الشباب يتسابقون إلى العمل، في كل المجالات الصغيرة أو الكبيرة، ولا يستحقرون أي مهنة من تلك التي يترفع عنها البعض، فإن يأكلوا من عرق جبينهم أشرف وأكرم عند الله من أن يختلسوا، أو يرتشوا، أو يتسولوا، أو يأكلوا أموال الفقراء.. فقدوتهم نبي الأمة محمد بن عبدالله «صلى الله عليه وسلم»، الرجل الذي رعى الأغنام في صباه ليقود أمة عظيمة في رجولته.. بينما هناك من ما زال يسخر من العمل، ويعتبر جلوس شاب في بقالة عيباً مخزياً..!! انظروا إلى الحقول واحسبوا كم من الشباب يزرع ويحصد الخير.. انظروا إلى الصحف واحسبوا كم من الأقلام تكتب وتناقش هموم الوطن وهم شباب.. ادخلوا شبكات الانترنت وانظروا هذا الزحف الشبابي إلى المواقع الاخبارية والعلمية والأدبية والفنية، وكلهم مثابرون ويبدعون ويتألقون على سواهم من شباب بلدان أخرى يفوقونهم بالإمكانيات المادية وظروف العيش!! وعبر الأثير ستتفاجأون بنخبة شبابية من طلاب الجامعات وهم يبثون برامج يومية على مدار ساعات النهار والليل عبر راديو «شباب نت» فاستمعوا لهم، وتأملوا فيما يناقشون ويبثون من أخبار وتقارير، لتعرفوا أنهم سبقوكم إلى العالم الجديد المفعم بالمعرفة والإبداع والطموح.. فهذا الجيل يزحف بسرعة نحو معاقل التخلف، والانتهازية، والفساد ليردمها، ويعلن عالمه الجديد على أنقاضها.. عالم الحرية، والديمقراطية، والعلم، والمعرفة، والمحبة و الأمل.. فبئساً لمروجي ثقافة الاحباط، وهنيئاً لشبابنا وهم يصنعون عالمهم الجديد، ويبعثون أمجاد أوطانهم، ويفاخرون العالم بأنهم يمنيون وليس أي شعب آخر.