بحسب التقارير الرسمية فإن ثرواتنا النفطية التي نعول عليها كثيراً في دعم الاقتصاد الوطني والتي تمثل المورد الاقتصادي الهام الذي تعتمد عليه الموازنة العامة للدولة مهددة بالنضوب مع مرور السنوات وخصوصاً بعد أن تزايد الطلب المحلي على المشتقات النفطية والذي دفع بالحكومة إلى استيرادها من الخارج لتغطية الاستهلاك المحلي.ومما يجدر الإشارة إليه هنا أن هذا الموضوع لم يُعد خافياً على أحد وصار من الضرورة أن تبدأ الحكومة والجهات ذات العلاقة بالتعاطي معه بمسؤولية والشروع في البحث عن بدائل الثروة النفطية لدعم الاقتصاد الوطني كون ذلك يأتي في مقدمة المهام المنوطة بها وذلك بما يتماشى مع ما تضمنه البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، وما من شك في أن بلادنا بما حباها الخالق عز وجل من تنوع جغرافي وثروات طبيعية عديدة قادرة على التأقلم مع تداعيات تراجع انتاج النفط وقلة اسهام عائداته في دعم الموازنة العامة للدولة ومسيرة التنمية المنشودة وذلك من خلال توظيف المخزون الهائل من الثروات المعدنية والطبيعية التي تزخر بها بلادنا في هذا الجانب حيث باتت الحكومة مطالبة بتقديم المزيد من أوجه الدعم لهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية من أجل القيام بعمليات استكشافية للبحث عن المعادن في باطن الأرض والتي تشير الدراسات الجيولوجية إلى توافرها في مناطق عديدة في بلادنا والعمل على الاستفادة من النتائج التي تصل إليها الهيئة والشروع في الاستفادة منها وعلى وجه التحديد تلك التي أكدت توافر معادن هامة ومواد خام تدخل في الصناعات المختلفة والعمل على جذب الاستثمارات الخارجية من أجل خوض غمار الاستثمار في هذا المجال في القطاعات التي يتطلب العمل فيها مبالغ باهظة تفوق طاقة الحكومة وبما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، وقبل تابعت قبل فترة وجيزة تصريحات للدكتور اسماعيل الجند رئيس الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية التي تصب في هذا الجانب وقرأت العديد من الأخبار التي تحدثت عن نتائج أولية لعمليات استكشافية في بعض المواقع تم من خلالها العثور على مؤشرات وجود معادن ثمينة كالذهب والفضة وغيرها وأتوقع بإذن الله أن تثمر جهود الاخوة في هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية عن اكتشافات جيدة إذا ما منحوا الدعم والرعاية التي تشجعهم وتحفزهم على ذلك. هذا فيما يتعلق بالثروات المعدنية والمواد الخام الطبيعية التي تمثل بديلاً للثروات النفطية وهناك أيضاً بدائل لا بد من التركيز عليها وفي مقدمتها تنمية الموارد المحلية وهي مهمة منوطة بالمجالس المحلية في المحافظات والمديريات كون ذلك سيخفف الضغط على الحكومة في جانب الدعم المركزي لهذه الوحدات الإدارية على طريق الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وبالإضافة إلى ذلك توجد لدينا ثروة طبيعية ثمينة لم نحسن استغلالها ولم نتعامل معها بالطريقة الصحيحة والأسلوب الأمثل ألا وهي السياحة، حيث أضحت السياحة اليوم صناعة مربحة تدر على الكثير من بلدان العالم ثروات مالية طائلة وصارت لدى عديد من الدول مورداً رئيسياً من موارد التنمية والاقتصاد الوطني، وللأسف الشديد أننا في اليمن وعلى الرغم من الطبيعة السياحية الساحرة التي تمتاز بها بلادنا والمواقع الأثرية والتاريخية التي تمثل شاهد عيان على حضارتنا العريقة والتي تمثل عناصر جذب سياحية فريدة إلاَّ أن واقع النشاط السياحي في بلادنا لا يزال دون المستوى المطلوب رغم كل الجهود المشكورة التي تبذلها وزارة السياحة والجهات التابعة لها ولكنها لا تفي بالغرض فالكثير من المناطق والمواقع السياحية تفتقر لأبسط مقومات النشاط السياحي ابتداءً من وعورة الطريق ومروراً بإنعدام الخدمات الرئيسة من كهرباء وهاتف وفنادق ومطاعم ومتنفسات تعمل على جذب السياح واستقرارهم وانتهاء بعدم وجود اهتمام بهذه المواقع من الجهات ذات العلاقة وتعرض بعضها للهدم والتخريب والعبث والاعتداء والتهريب كما هو حال بعض المناطق الأثرية القديمة التي تحولت إلى أطلال بعد أن تعرضت لقرصة عصابات سرقة الآثار من جهة وعبثية بعض القوى المتشددة والمتطرفة والتي لا تقدر قيمة هذه الثروة من جهة أخرى ولا أنسى أيضاً عدم الترويج الإعلامي المكثف لكافة المواقع والمناطق السياحية وخصوصاً تلك المغمورة والتي لم يسبق أن حظيت بفرصة الظهور وتسليط الضوء من قبل وسائل الإعلام المختلفة عليها. واعتقد هنا أن المهمة ليست مقتصرة على الجهات الحكومية المعنية بالسياحة وهي مهمة منوطة أيضاً بالمجالس المحلية وبالمجتمع أيضاً إذ من غير المنطقي أن ننشد نهضة سياحية تسهم عائداتها في دعم الاقتصاد الوطني في وقت لا تزل في أوساطنا بعض العناصر الشاذة التي تسيء إلى سمعة اليمنيين وتشوه صورتهم أمام العالم من خلال قيامهم باختطاف السياح الأجانب والاعتداء عليهم من حين لآخر ، غير مدركين مخاطر وانعكاسات هذه التصرفات الرعناء على المصلحة العليا للوطن، لا بد أن نحرص جميعاً على إنعاش حركة النشاط السياحي والعمل على استثمار السياحة وتحويلها إلى صناعة وطنية تعود على البلاد والعباد بالخير الوفير. ومن بدائل النفط في دعم الاقتصاد المضي قدماً في استقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والعربية والدولية وحث أصحاب رؤوس الأموال المحلية على استثمار أموالهم داخل الوطن والاستفادة من المزايا والحوافز التي يقدمها قانون الاستثمار اليمني والتركيز على المشاريع الاستثمارية الكبيرة ذات الطابع الإنتاجي الذي يستوعب أكبر عدد ممكن من العمالة الوطنية التي تحد كثيراً من البطالة التي تمثل واحدة من المشاكل التي أثقلت كاهل الاقتصاد الوطني. وفي الأخير لا بد من التذكير بأهمية ترشيد الإنفاق ومنع أوجه الصرف في المجالات غير المجدية وغير الضرورية وكبح جماح الفساد ونهب المال العام وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية الضيقة وكلها مسائل من شأنها معالجة تدهور الاقتصاد الوطني وتقود إلى عودته قوياً ومتماسكاً يمتلك مقومات الثبات عند مواجهة أية متغيرات قد تطرأ على الساحة المحلية والعالمية.