الأمطار التي منّ الله بها علينا هذه الأيام وبغزارة هي نعمة تضرعنا إلى الله كثيراً من أجل نزولها وصلينا صلاة الاستسقاء خلال الفترة الماضية وكدنا نفقد الأمل ونحس بأن فصل الصيف ذاهب ولا أمطار .. غير أن رحمة الله واسعة وجاد الغيث وتزامنت بركاته مع بركات شهر رمضان المبارك. ولكن ما يؤسف له أننا سواء في العاصمة صنعاء أو المدن الرئيسية الأخرى أصبحنا لأسباب تتصل بالشوارع وتصريفات المياه لا نشعر بالمتعة ونحن نستقبل هذه الأمطار ، بل إن سقوطها أصبح هماً وغماً ونستغفر الله أن يكون ذلك استياء من المطر ومن هذه النعمة العظيمة. وأنا في هذه المناسبة أتذكر تواجدي في العاصمة الماليزية كوالالمبور في اكتوبر من العام 2003م لتغطية فعاليات القمة الإسلامية العاشرة ،وكنت أقيم في فندق اسمه «آجورا» في حي «بيكيت بانتانج» بوسط المدينة وكانت الأمطار تهطل بشكل يومي.. لكن اللافت أنني كنت أخرج من غرفتي بالفندق بعد أن يتوقف سقوط المطر لأتفاجأ بالمدينة وشوارعها ومبانيها وكأنها ملابس أخرجت من الغسالة إلى «النشافة» ولم يعد هناك من أثر للأمطار سوى الرطوبة النظيفة والجو الصافي والهواء العليل ،وهنا يكون سقوط الأمطار نعمة ومتعة وراحة وشعور بالتجديد والانتعاش وانقشاع للكآبة والغم والهم. بل ويشعرك أولئك البشر أنهم يستحقون سقوط الأمطار بشكل يومي والاستمتاع بهذه النعمة على الدوام لأنهم تعاملوا معها بطريقة صحيحة من حيث المدن النظيفة والشوارع السليمة وتواجد مصارف للمياه، ولمياه الأ مطار تحديداً وكل شيء يتم بطريقة منظمة لا سيول ولا مخلفات يرتفع منسوبها دونما وجود منافذ ولاحوادث غرق لسيارات ولأناس داخل شوارع المدن ولا أعطال وخراب لسيارات أخرى أو تضرر لمبان وواجهات مبانٍ بسبب انعدام المصارف الخاصة بالسيول ومياه الأمطار. ولذلك فإن مياه الأمطار والسيول المتدفقة باتت تفضح شوارعنا وتفضح الإجراءات التي عملت والعشوائية والعبث والإهمال واللامبالاة. ويزداد الأمر سوءاً في الحارات والأحياء المختلفة والشوارع الفرعية التي كانت في أوقات سابقة مرصوفة ومسفلتة ثم بسبب العشوائية خضعت لعمليات تقطيع وحفر من أجل مشاريع صرف صحي أو توصيلات لخدمات أخرى وبعد الانتهاء من ذلك لايتم إعادة سفلتة الأماكن التي تم قطعها والحفر فيها وتبقى مستنقعات ترابية وحفريات تتحطم عليها السيارات كل يوم حتى إذا ماجاءت الأمطار أصبحت «كمائن من خلب» توقع بالكثير من السيارات والبشر الذين باتوا يتألمون من تداعيات مابعد سقوط الأمطار. فمتى يشعر المعنيون بالمسئولية خصوصاً في هذا الشهر الكريم الذي يصب فيه المؤمنون الصائمون جام غضبهم ودعواتهم على كل المقصرين والمسئولين عن الخدمات الأساسية سواءً كانت خدمة الكهرباء أوخدمة الطرق والأشغال والسفلتة وتحسين المدن وإيجاد تصريفات لمياه الأمطار والسيول.