من قراءاتي كان لي قطف هذا العنوان من ذيل أحد أعمدة الأستاذ عبدالله الصعفاني الذي أتابع له كثيراً من كتاباته الرائعة والهادفة، والتي كثيراً ماتتضمن معالجات لواقعنا على المستوى المحلي والعربي وما وصلت إليه الأمم الأخرى من تقدم ورقي جعلنا نأخذ مكاننا في مؤخرة الصفوف بلا منازع وفوق هذا وذاك معتزين بموقعنا المتقدم من الباب الخلفي.. إذا كان لابد ممن يقول منادياً لهذا العالم «للخلف در» من واقع المصطلح العسكري فإن وضعنا كأمة جبلت على المراوحة في مكانها حتى إشعار آخر، قد جعلنا نقف أمام الأمم الأخرى موقف المتفرجين في ملعب كرة قدم. أما وضعنا من منطلق اقتصادي، ففي الوقت الذي تتسابق فيه الدول على الأسواق العالمية لتنزل إليها آخر وأجود ماوصلت إليه من صناعات في جميع مجالات الحياة بينما نحن نقف موقف المتفرج فقط نشبه زبائن المطعم الذين ينتظرون من يقدم إليهم حسب طلبهم مايريدون من وجبة دسمة مما لذ وطاب وكله بحسابه.. بمعنى آخر إننا أمة استهلاكية وليس أدل على ذلك أن في بلادنا مصانع المياه قد أصبحت أكثر بكثير من محطات البترول وبنفس السعر كون هذه الصناعة تدخل ضمن الصناعات الخفيفة الاستهلاكية ولاتدخل ضمن الصناعات الثقيلة الاستراتيجية التي قد يُعتمد عليها في رفد الدخل القومي للبلد، الأمر الذي ينظر إليه بأن ذلك يشكل عبئاً مستقبلياً على البلاد واقتصادها الوطني كون خاماتها الأساسية هي مواد مستوردة بالعملة الصعبة. ففي الصين نستطيع القول إنهم يصنعون كل شيء كما يأكلون كل شيء.. يقومون بصناعة الشيء الذي يتناسب وعادات ووضع وطلب البلد المستورد فعلى سبيل المثال إنهم قد صنعوا لليمن واليمنيين ماتحتاج خصوصياتهم، مثال ذلك الجنابي ولمصر فوانيس رمضان ناهيك عن تصدير الثوم والفاصوليا ومن يدري فقد يصدرون لنا في يوم من الأيام العصيدة والسلتة الجاهزة وهي معلبة. وهذا ليس بغريب فقد يفعلها الصينيون لأن الحاجة لديهم هي أم الاختراع.. منذ قديم الزمان، وحضارة مثل حضارة الصين ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ وشاهد الحال قائم ومتمثل في سور الصين العظيم، وعليه فكم نحن شغوفون بأن نتباهى كعرب بأنفسنا وماوصلت إليه صناعاتنا من تقدم لكن للأسف ماباليد حيلة، ليس لدينا مانكتبه وندونه غير ماورثه لنا الآباء والأجداد من العلماء في الطب والفلك وفي الرياضيات والفيزياء والكيمياء فهل وصل بنا الحال أن نعزي أنفسنا أم تعزينا أجيالنا القادمة لتأخرنا عن ركب ثورة الصناعات والاختراعات والابداعات في جميع مجالات حياة الإنسان وتوقعوا ماذا ستقول عنا الأجيال القادمة وماوصلنا إليه من تشرذم وتقوقع، نسير كما تسير السلحفاة في التأخر والبطء الشديد مقارنة بتكنولوجيا عصر السرعة، عصر الحاسوب والصاروخ عابر القارات. لاشك أن الأجيال القادمة ستقف أمام نفسها قائلة لماذا تأخرت أمتنا وأصبحت عالة على الأمم الأخرى في كل شيء من الإبرة إلى المدفع في حين أن العين هي العين والعقل هو العقل وهكذا سنظل نكرة يُشار إلينا بالبنان مادمنا كذلك حتى نثبت عكس ذلك.