ارتفعت خلال الشهر الجاري معدلات النازحين الافريقيين القادمين إلى اليمن، ولم يعد يوم يمر دون إعلان الجهات الأمنية عن وصول ما بين «150-200» نازح، فيما تؤكد مفوضية اللاجئين في اليمن أن موجات نزوح كبيرة ستواصل تدفقها على السواحل اليمنية طوال شهري سبتمبر وأكتوبر، وذلك لهدوء حركة البحر خلال هذه الفترة. عندما يجري الحديث عن اللاجئين الافريقيين عادة ما يقترن بالحديث عن أوضاع الصومال الأمنية، ووقوفها وراء موجات تدفق اللاجئين المستمرة منذ عدة أعوام.. لكن خلال العام الجاري استقبلت السواحل اليمنية دفعات كبيرة من النازحين من جنسيات افريقية غير صومالية، كانت آخرها سفينتين لنازحين من جنسيات نيجيرية وسودانية، وكل سفينة تحمل ما بين «250 - 300» نازح، في نفس الوقت الذي ظل الاثيوبيون يندسون وسط النازحين الصوماليين. إذا كان المسوغ لنزوح الصوماليين هو الحرب الأهلية الطاحنة، فما المسوغ وراء نزوح السودانيين والاثيوبيين والنيجيريين !؟ هناك اعتقاد لدى الجهات الأمنية بأن هذه الجنسيات لا تستهدف البقاء في اليمن، بل انها تعتزم اتخاذها محطة للعبور إلى دول الجزيرة العربية والخليج بحثاً عن فرص عمل جيدة. نحن لا نختلف مع ذلك المنطق بل نؤكده، لكن في الوقت نفسه نقول : إن استمرار وصول نازحين من الجنسيات غير الصومالية قد يشير أيضاً إلى أن البوابة الساحلية اليمنية غير آمنة، وأن المهربين يستغلون الثغرات الأمنية في مواصلة نقل النازحين إلى سواحل اليمن.. كما ان اعتراف الجهات الأمنية بهذه الثغرات وارجاعها إلى طول امتداد الساحل اليمني لما يتجاوز الألفي كيلومتر.. قد يجرنا إلى تساؤل جديد وهو: ما مدى قلق اليمن من امكانية استغلال هذه الثغرات من قبل الجماعات الإرهابية في الدخول إلى اليمن أو الخروج منها ؟ وماذا عن تجار تهريب الأسلحة والمخدرات ؟ لعل المشكلة هنا لا تتوقف عند سهولة عبور البوابة الساحلية اليمنية، بل تتعداها إلى أن اعداداً هائلة من اللاجئين الصوماليين - على وجه التحديد - واعداداً قليلة من الجنسيات الأخرى سرعان ما يفرون من الأيادي، ويجدون طريقهم إلى المدن اليمنية الداخلية، بما فيهم أولئك الذين يتم اقتيادهم إلى معسكرات اللجوء التي تشرف عليها المفوضية.. ويجري الحديث حالياً في أوساط اللاجئىن عن ان هناك «سماسرة» داخل نفس مراكز الاستقبال أو معسكرات اللجوء هي التي تتولى عملية تسريبهم إلى المدن. للأسف حتى اليوم لم يتم تنفيذ أي حملات منظمة لإعادة اللاجئين غير المسجلين إلى المعسكرات. كما لا توجد أي استراتيجية وطنية لتنظيم توطين اللاجئين داخل المدن.. في الوقت الذي تواصل مختلف الجهات ذات العلاقة تقدير أعداد اللاجئين بحوالي «700» ألف منذ خمس سنوات - وقد سبق ان أشرت إلى هذه النقطة قبل حوالي عام - وها نحن نسمع المسئولين يكررون نفس الرقم رغم أنهم يصرحون لوسائل الإعلام بوصول آلاف اللاجئين شهرياً. إن هناك مسئوليات كبيرة وخطيرة مترتبة عن اللاجئين، واليمن لا تمتلك الامكانيات لمواجهتها، ولابد للمجتمع الدولي ودول الجوار ان يتحركوا قبل ان تفلت الأمور ويجدوا قوافل اللاجئين قد وصلت حدود بلدانهم.