حين تُلام المعارضة على موقفها المناقض لموقف الجموع الوطنية إزاء جماعة التخريب والإفساد الحوثية فإن المعارضة ترد في جواب غير رسمي وبنبرة ودية بما مفاده أن المعارضة أي معارضة لا يليق بها أن تتبنى نفس الموقف الذي يتخذه الحزب الحاكم ، والجموع الوطنية.. وهم يرون في عدم الالتزام بذلك تمييعاً لشخصية المعارضة وإخماداً لسعيرها الوطني، فتصبح وكأنها فردٌ من «غزيّة» على طريقة الشاعر القديم: وما أنا إلا من غزية إن غوتْ غويتُ وإن ترشد غزية أرشدِ والحق أن هذه رؤية قاصرة، لاتربطها بالوطنية أية علاقة، ومن يتشيع لهذا الموقف يتجرد تلقائياً من صفة «المعارض» حزباً كان أو فرداً ، لأنه جانب الصواب،وتنكر للهدف، وانحرف عن مسار الهموم الوطنية التي جاءت بالمعارضة لتعارض وجاءت بالحزب الحاكم ليحكم، فكلاهما انبثقا عنها، وهي «الثابت» الوحيد والمقدس الذي يجمعهما في هذا الوطن. فالمعارضة اليوم وهي كلمة حقٍ نقولها بوعي ترتكب جرماً وطنياً بدعوتها إلى كل ما شأنه تثبيط الهمم في إحكام القبضة على أهل البغي الذي سلكوا سبيل الشيطان وأقحموا هذا الوطن في ما لايرتضيه ، فما كان هذا الشعب يوماً بضاعته العنف ولم يحدث أن اتخذ الاقتتال مهنة. إن اخواننا في «اللقاء المشترك» قد استسهلوا هذا الموقف، واستهانوا به، وهو عظيم، فقد جاءت مبادراتهم في هذا الظرف تدعو إلى الفرار من الزحف، وأن نوليهم الأدبار بعدما تحقق الكثير من النصر، وما هذا في مصلحة الوطن، ولا في سبيل استقراره وأمنه. وهل قد أصبحنا اليوم بحاجة إلى إعادة التأكيد بأن الحوثية فخ كبير نًصب لتقع فيه اليمن، فلا تشمخ لها قامة، ولا يتحقق لها إنجاز بل لتعيش في سنوات من الضياع ،ينسحق فيها الكل، بما فيهم المعارضة ؟! إن الموقف من عصابة التخريب الحوثية لن يكون في صالح أحد إن أصبح مجال مساومة أو موضوعاً جديداً للمكايدة السياسية. إنها قضية الوطن التي من شأنها أن توحد الصفوف وتجمع الرؤى، وليختلف الجميع على مادونها من تفاصيل الحياة السياسية اختلافاً لا يمس ثوابت الوطن بسوء ولا يتركها هملاً ليعبث بها من أراد. إن بعضاً من الشخصيات الوطنية في تكتل «اللقاء المشترك» ماعرف عنها الشعب إلا الوطنية الجسورة والنضال المستميت في الدفاع عن الوطن، والوقوف إلى جانبه في كل الأزمات، وهي مواقف لا شك ستظل حاضرة في ذاكرة الوطن، ولذلك فليس من الطبيعي أن ترتضي هذه القامات ما يجري رسمياً على ألسنة بعض قيادات المشترك. لنترك السياسة بعيداً..حبائلها ومكايداتها وتخرصاتها وتنافسها المحموم.. ريثما يتم صناعة موقف وطني واحد ترضى عنه قوافل الفداء والاستبسال من أبناء قواتنا المسلحة والأمن التي حملت على عاتقها اليوم مهمة الاقتصاص لكرامة الشعب وخياره الوطني، والدم المهراق،، والحق المنهوب. هذه هي الكلمة التي بقي قولها في خضم ما يحدث، وللمشترك أن يختار ما يريد...فشأن التاريخ أن ينتقي ما يسجّل، كما أن زارع الشوك لا يمكن أن يحصد العنب...وكفى.