الشعب اليمني، كعادته قادر أن يتجاوز المحن والفتن، ما ظهر منها وما بطن. لقد عرف شعبنا كثيراً من الأهوال والخطوب، فتخطاها بصبر وطول بال وكأنها لم تكن وإن تعجب فعجب، مصائب كثر، تحسب أن اليمن وقعت فيها ولن تخرج منها، فإذا باليمن يمر بها مر الكرام الصابرين المحتسبين.. حقاً توقف وتأثر تقدمه قليلاً أو كثيراً، غير أن الحياة تمضي ويمضي معها اليمني، غير وجلٍ ولاهيّاب، لكأن المصائب والأهوال بواعث تدفعه إلى إقبال على الحياة بإصرار وشجاعة وإقدام. ليس من سبب وراء ذلك غير أن هذا اليمني قد فطر على هذه الطبيعة صادراً عن بيئة زراعية، قوامها التوكل على الخالق، فهو يرى البذرة، واثقاً أن السماء لن تخذله، فهو على موعد مع الحياة أبداً. إن شعباً مفطوراً على التوكل على الله والثقة الكاملة بالغيب مع الأخذ بالأسباب لهو شعب جدير بالحياة، ولقد أسفنا تماماً كيف هو العقوق بالوطن أمر بالغ الإزعاج جالب للتبرم والضيق والحزن.. فوطن يظلك نهاره وأمطار هتون تمنحكها سماؤه ودفء يهبك إياه أهلك ومحبوك وأرض تمنحك الخير، من أثمار مختلفة الألوان وبحار تمنحك لحماً طرياً وجمال زينة، كيف تسخو عليه بعقوق هو الخراب والدمار.. كيف يطاوعك قلبك أن تقذف في سماء هذا الوطن رصاصة تبدد سكون اللون الأزرق الجميل، وتفجع أماً بولدها حينما تنزع منه رمق الحياة؟! إن ما تثبته الأيام أن اليمن فيما يبدو يحتاج بين وقت وآخر إلى أحداث يميز الله بها بين الخبيث والطيب، ويعرف فيها أقدار الناس. لابأس على الوطن إن شاء الله، فما حصل حصل ولابد من وقفة حقيقية للاطلاع على الخلل وكيف يتسرب الزيت من «الموتور» يعني الخبير المجرب البصير، والملهم الحكيم. لسنا نستنكف أن نعيد حسابات وحسابات، وليس على الحرة من حرج أن تكشف ترائبها لحكيم حاذق قبل أن يفتك به سرطان غشوم. وراء القائد نسير، نسدد معه ونقارب، وننصح له بإخلاص وحب، والرائد لا يكذب أهله.