إن مضمون التعليم لن يكون فقط أو في الأساس تلقين المعارف والعلوم فهذه أجندة تتغير وتنمو بوتيرة متسارعة لذلك فمهما كانت كفاءة المدرسة في التلقين فإنها كما تشير الكثير من الدراسات العلمية والتربوية لا تستطيع تلقين كل شيء لكل تلميذ وتلميذة بل ولا تستطيع في الوقت نفسه أن تستبقي التلاميذ في المدرسة طوال الحياة.. لهذا فإن المفهوم الحاكم للعملية التربوية مستقبلاً هو سيكون تعليم التلميذ كيف يتعلم ذاتياً ويقتضي ذلك بالضرورة إعادة تأهيل المعلمين والمعلمات وإعادة بناء المناهج بحيث تساعد التلاميذ على اكتساب مهارات التعليم الذاتي ومعرفة مصادر المعلومات وإعادتها وتحليلها ونقدها والاختيار الأمثل من بينها لتوظيفه في حل المشكلات. واتساقاً مع هذا المفهوم في العملية التربوية فإن المدرسة النظامية لا بد أن ينظر إليها على أنها أحد مصادر التعليم والتعلم إلى جانب مصادر أخرى غير نظامية أهمها أجهزة الإعلام وأجهزة الثقافة والاتصالات الحديثة وأماكن العمل والمكتبات المدرسية والعامة أي إن معاهد التعليم ستشاركها مؤسسات مجتمعية أخرى في العملية التربوية وبالتالي يسير التعليم نحو وضعه الأمثل والمطلوب أي تحقيق نشاط مجتمعي شامل لكل الأفراد وفي كل المؤسسات بحيث يتحقق المجتمع المعلم المتعلم. إن الذي نلمسه حالياً في بلادنا الجمهورية اليمنية والبلدان العربية ان المسيرة الفكرية مسيرة تتسم بالإحاطة والاهتمام والشمولية وتحظى باهتمام رواد البحوث والدراسات وتكرس لهذا الشأن الاجتماعات والندوات والمؤتمرات وسطرت حولها المقالات الصحفية النقدية الجادة بيد أن القضية المركزية والمحورية هنا أن يرافق هذه الأمور المتعلقة بالتعليم والفكر والثقافة تشخيص واقعي ملموس لمسيرة العملية التربوية واتخاذ قرارات ورؤى وسياسات ينهض بها رواد التعليم والثقافة في الدول العربية ومنها بلادنا وعلى رأسها الجامعات العربية بيد أن المراقب لمسيرة التطور التعليمي العربي يلاحظ وبكل أسف وحسرة انكفاء على الذات في كثير من المواقع وظهرت أرقام من مستوى التدني للتحصيل العلمي وقوائم من الراسبين على مستوى مدارسنا الأساسية والثانوية وعزوف ثقافي عن القراءة والمكتبات العامة وهجر موسمي لمراكز بيع الصحف والمجلات ومعارض الكتاب السنوية أو الفصلية. إننا نأمل أن يتم تقييم مسيرة العملية التربوية والثقافية بدراسات عالية وجادة وربطها بتحليلات تسهم في زيادة تأثير التعلم والتعليم المدرسي والثقافة بمضمون عملنا اليوم واستبعاد تراكم النتائج السلبية التي تعكسها عادة الخلافات السياسية في بلداننا العربية والإسلامية والعمل على تدريب هذه الخلافات حتى لا تمس جوهر ومضمون الروابط التعليمية والثقافية وأملنا استمرار الجهود العربية والروابط وتحديث فعلي في برامج التعليم والثقافة ورفع أداء أجهزة الإعلام العربية والمعاهد التعليمية والثقافية العربية.