«تعز» هذه المحافظة الحالمة التي شغلت حيزاً مميزاً في ذاكرة الوطن: لم تكن في يوم من الأيام لاأرضاً ولا إنساناً بالمحافظة التي يسهل الاستحواذ عليها وتجيير مقدراتهاالفكرية والوطنية والإبداعية والنضالية لما يخدم المصالح الفردية الضيقة والنزوات العدوانية الحاقدة على الوطن. لأن «تعز» لفظة يحمل مبناها «التاء العين الزاي» معناها المتحرر من كل مدلولات المذلة والتبعية والارتزاق والقبول بتخديش صورة أبعاد كينونتها الحياتية على ظهراني ترابات السعيدة وبكل ما تحمله من قيم إنسانية ووطنية وجمالية استطاعت تعز أن ترتسم على صفحات تاريخنا الحديث والمعاصر مدينة تكتظ شوارعها ومنازلها بطموحات السعي الجاد لعناق صباحات الحرية.. ولهذا فإن «تعز» وحدها كم كانت فكرة ..ثم ما لبثت أن صارت «ثورة»..تحرسها كبرياء «صَبِر» قناديل تتألق بأضواء الجمهورية وشموخاً يمتد كفاحاً من ميدان الشهداء المتوهج بدماء الأحرار حتى «عدن» الإعصار ضد الاستعمار وليتوحد في فقه كتاب السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر أهداف «الحالمة» الكبرى في يوم أعطى زخم الاستبسال إرادة جديدة خرجت إلى الدنيا صبيحة الثاني والعشرين من مايو90م وحدة يمنية مجيدة أطاحت بآخر أوهام الطغيان ومضت وبكل تحدٍ في الميدان تبني حاضرها، غدها، مستقبل كل الأجيال.. وبحجم هذا الاتساع للفظ ومعنى الثورة كانت «تعز» الحضور الذي ما غاب عن وجدان الأرض ومشاعل روح الفكرة وظلت ولسوف تبقى نهر الإبداع المتجدد ووهج الإشعاع المتسيد صدق الإيمان بكل ثوابتنا الوطنية وبكل الحب لليمن، حباً بحجم نضالاتها وأدوارها البطولية التي رصد التاريخ كل تفاصيلها في دفاتر العشق الوطني...حباً من لواعج مشاعره في قلب تعز اشتعلت أدوار البطولة ضد الطغيان ومن صفاء روحه انتصرت أحلام الحرية والاستقلال،ومن ثباته على اليقين الثابت الوطني غير المتحول غنت «تعز» أول ما غنت كل اليمن بأناشيد الثورة والوحدة والحرب على الأعداء في أيام المحنة مع الانفصاليين الموتورين عشاق الخيانة..وكأن «تعز» قد قدر لها أن تكون نقطة انطلاق لكل البدايات التي خاضها الوطن على امتداد مسيرته النضالية من أجل التحرر.. فمنها كانت تنطلق تراتيل ضمير الثورة وفيها سجل التاريخ أجمل بدايات الانتصار، ومنها انطلقت قوافل المشاعر اليمانية الوحدوية الأرض والإنسان والفكر والعقيدة ومنها انطلقت براكين غضب الوطن ضد الانفصال معلنة الموت لأعداء الوحدة والحياة لليمن الواحد الموحد.. فهل تكون هذه المدينة بمالها من رصيد وطني فريد فريسة سهلة لمن جاهروا بالعداء ضد اليمن والثورة والوحدة اليمنية؟ هكذا يتوهم الواهمون..أما تعز فمثلما كانت بداية لنهاية الحكم الكهنوتي ومنهاالمنطلق،ومثلما كانت منطلقاً متميزاً للوحدة والدفاع عن الوحدة حتى الانتصار لها فإنها الآن ستكون بداية النهاية لزوابع الارتزاق ومنها سوف تنبعث مواقف الرجولة والولاء الصادق الإيمان وفيها سوف تكون الصفعة الأخيرة على وجه العملاء..لأنها القلعة الحصينة والمتحصنة بالفكر الذي لاتهزمه ولا تخدعه الأفكار المستوردة في عُلب التسجيل المتلفز داخل الغرف ال«....» ولاتبهره النظريات المبثوثة بيانات ورؤى يفضحها نور الواقع والمتحصنة بالإيمان الراسخ الذي لاتزعزعه خرافات الدجالين وشعوذات المارقين ولا يستسلم لأرباب العمائم السوداء وفتاوى الحوزات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. والمتحصنة بالولاء الوطني للأرض والثورة والوحدة والشرعية الدستورية وكلها تضحية وفداء من أجل الوطن .. من أجل ذلك فإن ماحاول بعض المرتزقة إتيانه قبل أيام في هذه المدينةاليمنية الأصيلة ليست إلا زوبعة في فنجان ولن يجد المتأبلسون في تعز إلا الصمود والتصدي ضد كل من تسول له نفسه تخديش صورتها الجميلة في عيون الشعب أو الإساءة إلى رصيدها الزاخر بالنضال والمكتوب بحروف من نور المواطنة الصالحة على صفحات ذاكرة الوطن.. وعبثاً يحاولون جر أبناء تعز إلى مستنقع أباطيل القوى السلطانية أو الإمامية أو الصامتة عن قول الحق وهي التي تنصب نفسها لسان حال الشعب ووصية عليه والتي جمعت في مواقفها كل مسميات العداء لهذا اليمن الغالي وطن الإيمان والحكمة والانتصار..تحيةً لك يا أيتها الحالمة المبدعة ولكل أبنائك أسمى التحَايا ومزيداً من مواقفك الوطنية الصادقة من أجل اليمن..