يظهر من خلال المشاهدات الحية للمشهد السياسي في الساحة الوطنية أن البعض قد سيطر عليهم الوهم والهوس، ولم يعد بمقدورهم التمييز بين الصواب والخطأ، وأضحت الصورة المرسومة في عقول أولئك البعض الوهم والخيال الذي حولوه بفعل تكرار ارتكابهم للخطأ والإصرار عليه إلى واقع يتعاملون مع الآخرين على أساسه دون وعي بالآثار الخطيرة والكارثية لذلك التصرف على أرض الواقع الذي يأتي على الأخضر واليابس ويهلك الحرث والنسل. إن الغارقين في الأوهام والخيالات الجنونية لا يقدرون عواقب تصرفاتهم، كما أن محاولات إرجاع أولئك الغارقين إلى واقع الحياة، خصوصاً المغرر بهم يتطلب تضافر الجهود الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والتنظيمات السياسية وكل من له تأثير اجتماعي للقيام بدور التوعية وإيضاح الحقائق والتعامل بأساليب علمية مع الواهمين بهدف العودة بهم إلى جادة الصواب، على اعتبار أن ذلك مسؤولية جماعية كل يؤدي واجبه من موقعه بأمانة ومسؤولية وبما يرضي ضميره أمام الخالق جل وعلا، كما أن على الدولة واجب مقدس وهو أن تقوم بتجفيف منابع الترويج للشعارات والأفكار الضلالية التي تقود المستهدفين إلى الهاوية، وأن تكون جميع المؤسسات التعليمية تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، لأن البعض الذين يتذرعون بفتح معاهد أو مراكز أو مدارس باسم الدين قد تتحول إلى معاول هدم، كما هو حادث الآن، وينبغي على الدولة أن تركز على جوهر الدين الإسلامي وتمنع الأفكار المتطرفة وتحول بينها وبين الشباب الذين أصبحوا لقمة سائغة باسم الدين لتجار الحروب الذين يرون في ذلك تجارة رابحة يجنون الأموال من ورائها على حساب أمن واستقرار المجتمع، بل اعتقد البعض أن استثمار الشعارات الزائفة في أوساط البسطاء من الناس كفيل بجني مكاسب رخيصة ، معتقداً أن اليمن مازالت بيئة صالحة لهذا النوع من الاستغفال والاستخفاف بعقول الناس، ولذلك نجد هذا البعض المغموس في وحل الانتهازية يصر على تسويق بضاعته الفاسدة، ولم يدر بخلده أن اليمنيين يدركون مغزى ذلك الإصرار ويرفضون شعارات الأدعياء، رغم أن أدوات تسويقها يمنية ارتوت عروقها من خيرات الأرض اليمنية التي تقبل الطهر والنقاء وتلفظ العفن والوباء. إن المحصلة النهائية لسلوكيات عناصر تسويق الشعارات الزائفة هو الشعور في لحظة حاسمة أنها تمارس عقوق الأرض الطاهرة التي نبتت منها وافترشت ترابها والتحفت سماءها وارتوت من مائها واستنشقت هواءها، وساعتها فقط تدرك خطورة ذلك العقوق الجنوني فتعلن ندمها وتكابد حسرتها في لحظة زمنية غالية وثمينة لا يمكن أن ينفع فيها ذلك الندم وابتلاع الحسرات، لأن هذه اللحظة هي لحظة الوطن الأم التي ربت وقدمت العطف والحنان، ولكن الابن العاق علا واستكبر وتجبر ومارس العقوق بكل أصنافه، فتخر عناصر العقوق ساجدة في حضن أمها راجية قبول توبتها فترد الأم الحنون: إن قبلت ذلك بحكم أمومتي فهل يقبل أبنائي الكثر الذين يبلغون أكثر من 52 مليوناً هذه التوبة بعد فعل الإجرام والإرهاب والقتل والتشريد والتصفية الجسدية وانتهاك الحرمات ضدهم من قبل تلك العناصر المارقة والحاقدة التي باعت ضمائرها للشيطان مقابل دولارات معدودة أفسدت العقول ودمرت القلوب؟ هذه المحصلة النهائية لعقوق الوطن ومحاولة المساس بكبريائه وشموخه وعزته وكرامته، وليدرك الذين مازال في قلوبهم مرض الغواية والتغرير بالآخرين. إن عقوق الوطن جرم وإرهاب ينبغي المسارعة إلى إعلان التوبة والكف عن ذلك العقوق قبل أن يأتي الوقت الذي لا ينفع فيه الندم وإعلان التوبة، كما أن على الذين يحاولون تسويق بضاعتهم الفاسدة في أرض الطهر والنقاء أن يدركوا بأن أرض السعيدة لا تكن لأحد عداءً ولا مكراً ولا خداعاً وليكفوا أذاهم عن اليمن ليعيش سعيداً بأبنائه النجباء، خصوصاً بعد أن أثبت اليمنيون عظيم حبهم لقدسية التراب اليمني من خلال تداعيهم في الداخل والخارج من أجل اصطفاف وطني واسع لمواجهة العقوق والعصيان الذي مارسته عناصر التخلف والشعوذة والكهنوت وحملة الشعارات الزائفة ودعاة الردة والعنصرية والانفصال. إن آثار جريمة العقوق والعصيان التي خلفتها عناصر التمرد والإرهاب في بعض مديريات محافظة صعدة وحرف سفيان مؤلمة ليس لأبناء تلك المديريات فحسب بل للوطن كله وسنحتاج وقتاً طويلاً لمعالجة تلك الآثار الكارثية وتضميد الجراح، فهل تتخذ الجهات المعنية إجراءات عملية ودستورية وقانونية لقطع دابر الأفكار الإرهابية وتجفيف منابعها واعتماد سياسة تعليمية تحمي الشباب من هوس تجار الحروب ومروجي الأفكار الظلامية؟ أم لا حياة لمن تنادي؟!!