يوم عيد الفطر المبارك الماضي كتبت موضوعاً في هذه الصحيفة أثنيت فيه على أهل الخير الذين مدوا يد العون والمساعدة لمئات الأسر الفقيرة والمحتاجة في «قريتنا» والقرى المجاورة، ولم يكن لذلك الموضوع من هدف سوى الاعتراف بالجميل لأهل الخير ولمن يساعد على رسم الابتسامة على وجوه الفقراء والمساكين، ولمن يدعم من أجل وصول الخدمات الضرورية لسكان تلك القرى إلاَّ أن ذلك الموضوع لم يرق للبعض، فقبل يومين فقط قابلت أحدهم مكشراً عن أنيابه يملأ الحقد أرجاء نفسه وهو يكاد يتميز من الغيظ مثل نار جهنم.. لقد جعل من ثنائي على الخير وأهله حكاية أخرى لا وجود لها إلاَّ في نفسه هو ومن أوغروا صدره بالحقد والكراهية وأوغر صدورهم بمثل ذلك، فكشف عن عداء لا مبرر له إلاَّ في تشريعات الشر وتحالفات الأشرار.. تحالفات خرجت من «دار الندوة» في هذا الزمن، وبالمناسبة فإن «دار الندوة» موجودة في كل زمان ومكان، وهي في هذا الزمن أكثر من دار ولو بالإيجار. ولدار الندوة مخرجات كثيرة تضج بالحقد والكراهية تجاه كل شيء ومن المهم هنا أن نشير أن معظم مشكلات البلد هي من نتاج «دور الندوة» وهناك تحاك وتنسج المؤامرات مع فروق الاهتمامات من دار لأخرى. أقول لمن أحزنه ثنائي على الخير: هب أن الأمر مثلما أردت أن تفهمه أنت «وهو ليس كذلك بالتأكيد» وأتمنى أن تفهم معنى «هب»، فلماذا كل هذا الشر المستطير والحقد والكراهية، أليس ذلك أهون ألف ألف مرة مما فعلت وتفعل أنت ومن يقاسمك الحقد والكراهية للخير وللثناء عليه؟ من كان بيته من زجاج فالأحسن أن لا يرمي بيوت الناس، ومن كانت ثقافة المصلحة عنوان علاقاته فلا يسقط ذلك على غيره فليس بالضرورة أن يكون الحال كذلك، لأن كل إناء بما فيه ينضح.. يامن أقهرهم ثنائي على الخير ما جزاء من يحلب وطناً بإحدى يديه ويطعنه بحراب مسمومة باليد الأخرى؟ وما جزاء من يلعن الفساد ويرى كل شيء قد أصابه الفساد وهو غارق بالفساد إلى رأسه وزيادة؟ ما جزاء من أباح لنفسه الاستغلال وشرّع لنفسه ماهو أسوأ من ذلك ثم يزعجه الثناء على الخير وأهله؟ يا هذا وذاك، الحقيقة سوف تكشف عن نفسها لأنها تأبى أن تظل مطمورة مدفونة حبيسة السجلات والأوراق المموهة والمزورة، ولسوف تنطق ذات يوم قريب من تلقاء نفسها فابحثوا لأنفسكم عن أماكن تستركم من الفضيحة والعقاب إن وجدتم ذلك وما أظنكم تجدون.. يا من أقهرهم الخير والثناء عليه إن فرحة الفقراء والمساكين تستحق أكثر من الثناء والشكر، وهي أهم من تأويلكم ومن حنَقكم منه، وأن صناعة الشر والكراهية إلى زوال بعد كساد، فالخير لم يزل قوياً يستطيع أن يجابه الشر ويتصدى له، وسوف تظل بضاعة الخير وصناعته رائجة وإن بدا أن الشر قد تعاظم وكثرت صناعته.. يامن أقهره ثنائي على الخير أعلم أنك تعلم أن الأمر ليس كما حاولت أن تفهمه وتتعاطى معه، والناس جميعاً يدركون أنه الخير، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله المنعم المتفضل الرازق، وقد أنساك الشيطان هذه الحقيقة وظننت أن البشر يرزقون بعضهم، وهذا لعمرك إثم عظيم.. لم ولن أذهب إلى أحدهم من أجل مصلحة شخصية ولن يأتي أحدهم إليَّ ولا انتظر ذلك، لكني كنت لسان حال الذين وصلهم خير الخيرين وشكرتهم أي أصحاب الخير نيابة عن الفقراء والمساكين أبناء «قريتنا» الذين تعلم جيداً كيف هي أحوالهم وظروفهم، ومع كل هذا أبت نزعة الشر لديك إلا أن تشوه الخير انتصاراً للشر الكامن في نفسك أنت ومن يشاطرك نظرتك الظلامية للخير فسعيتم سعيكم على المركبات الزرقاء والحمراء وغيرها من الألوان التي تخفي تحتها السواد العظيم في قلوبكم، ولا أعلم من الذي أضل الآخر منكم أو لعلكم في الضلالة سواء، فمن يرى أن الخير عمل مشبوه أو أنه مطيّة لمصالح شخصية أنانية قذرة فإنما يعبر عن نفسه فقط، ولسوف يعلم الذين يعادون الخير والذين يبتزون البلد ويستغلونه بصورة أو بأخرى أي مصير ينتظرهم وأية فضيحة سوف تطالهم عمّا قريب، ورحم الله الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان إذ قال: مدائح الزور ما سارت بذاءتُها على حروفي ولا امتدت على صُحُفي كم يفسق الحرف إن ذلتّ كرامته لجارمٍ آثم الوجدان مُقّترِفِ