عندما تتبددُ أحلامُهم وتفشلُ مشاريعُهم ، غالباً ما يلجأ العاجزون إلى أساليب ابتزازية غير سوية ، وأحياناً لا وطنية لكسبِ الحد الأدنى من الانتصار السياسي ولو كان ذلك على حساب شعبهم ووطنهم .. أعتقد أنه لا يوجدُ توصيفٌ يليق بهؤلاء أدق من وصفهم بقراصنة المواقف ،لأنهم أثبتوا فعلاً استغلالهم للأحداث ولهثهم وراء السلطة بشتى السبل ، بدلاً من أن يصلوا إليها عبر الطرق الدستورية والقانونية ، دون النظر إلى ما ستترتب على تلك السياسة من عواقب وخيمة على البلد بشكلٍ خاص والمنطقة بشكل عام ، حيث قادهم هذا الفشلُ إلى التمترس في خنادق الفوضويين والغوغائيين دون النظر إلى المصالح الوطنية العليا والمصير المشترك.. الأدهى والأمر أن هؤلاء القراصنة يطالبون الدولة بوقف الحرب التي أشعلها المتمردون في أجزاءَ من محافظة صعدة ، ويُصورونها على أنها المُعتدي وليس المُعتدى عليه ، وهم يعلمون يقيناً أهدافَ المتمردين والأيادي التي تحركُهم والقوى الواقفة وراءهم والداعمة لهم عسكرياً وسياسياً وإعلامياً ومادياً ، والمخططَ المرسومَ من وراء هذا التمرد ،، بل لقد وصلت بجاحةُ قرصنتهم إلى التهديد بالعصيان المدني لإجبار الدولة على وقف الحرب ، حتى تتمكن عناصر التمرد من إعادة ترتيب أوراقهم ويوسعون من مخططهم الإجرامي ، بدلاً عن أن يشمروا سواعدهم ويعلنوا رفضهم المطلق لهذا المشروع التخريبي ورفع السلاح بوجه الدولة ويدينوا جرائمه بحق الأبرياء من المواطنين وأفراد الجيش والأمن ،، مع أنهم لو كانوا صادقين وجادين في رفض الحرب التي يرفضها الجميع لضغطوا على المتمردين لتسليمهم بالنقاط الخمس التي وضعتها الحكومة عقب اندلاع الحرب الأخيرة وجميعُها نقاطٌ تُطبّقُ على بقية التراب الوطني .. الحربُ مقيتةٌ وملعونة ، ولا يسعى إليها أو يفرح بها إلاّ أربابُ النفوس المريضة والمأزومة والخائنة ، لكنها عندما تُفرضُ على البلد فرضاً وبعلم الجميع وتُحركها قوىً تهدف إلى الهيمنة على المنطقة والإقليم ، فإن مجردَ الصمت عنها ومواربتها يعدُّ خيانةً للدين والوطن والشعب ، فما بالك بهذا التواطؤ والدعم السياسي والإعلامي الذي تدينه وترفضه كلُّ الأعراف والمواثيق والأخلاق.. من أنكرَ على المتمردين حقهُم في المواطنة وممارسة السياسة وتشكيل حزب سياسي كباقي الأحزاب على الساحة؟؟ وقيّدَ نشاطهم سوى أفعالهم الإجرامية وخروجهم على الشرعية وطموحاتهم القائمة على العنصرية والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان؟؟ جميعكم يعرفُ المذهبَ الزيدي ووسطيته واعتداله وفكره المستنير ، فلماذا هذا التغابي وهذا الاستغلال غير المبرر للواقع ؟ عليكم أن تعلموا إنه إذا كان قراصنة البحار يسرحون ويمرحون بسبب انهيار الدولة في الصومال الشقيق ، فإن شعبنا والشرفاء من أحزاب المعارضة لن يسمحوا لقراصنة السياسة باستغلال هذه الأحداث وجعلها مطيةً لأهدافٍ رخيصةٍ ، لأنهم يدركون أن الجميع يُبحرون على مركبٍ واحدٍ سلامتُهم من سلامته ، وهلاكُهم من هلاكه لا قدَّر الله فمصيرُنا واحدٌ وقدَرُنا واحدٌ لو كنتم تعقلون.. [email protected]