يبدو أن البعض من عناصر المعارضة لم يعد قادراً التمييز بين الوطن والمعارضة، بل إن البعض منهم لايعرف متى يعارض ومامفهوم المعارضة؟ وأصبحت الأمور لديه كلها معارضة، وهذا هو المنطق الأعوج الذي يقود صاحبه إلى الضياع والتخبط وعدم إدراك الحقائق والإصرار على الرؤية الأحادية غير الموضوعية، فالبعض من عناصر المعارضة يعيش في واقع مليء بالحقائق المحسوسة والملموسة ورغم ذلك تجده ينكر كل تلك الحقائق ويصر إصراراً عجيباً على إخفائها أو عدم الاعتراف بها، وعندما تناقشه بمسئولية وإخلاص يلجأ إلى الشكوى الشخصية ذات المطالب النفعية الضيقة التي لا صلة لها بقضايا الناس وهمومهم فهل المطالب الشخصية لدى هؤلاء مقدمة على المصالح الوطنية العليا؟ وهل الإصرار على المطالب غير الدستورية والقانونية هو الوجه الآخر للمعارضة؟ لقد أثبتت أحداث الساحة الوطنية أن أحزاب المعارضة بدرجة أساسية «اللقاء المشترك» لم تكن حريصة على الدستور والقانون، بل إن أفعالها تحدت الإرادة الكلية للشعب ولم تقبل التعامل معها كما هو شأن الأحزاب والتنظيمات السياسية في جميع بلدان العالم، والأكثر من ذلك أن هذه الأحزاب قد سجلت سابقة خطيرة في تاريخ التعدد الحزبي من خلال إصرارها على تبرير أفعال الإرهاب والتمرد والعنصرية والانفصال، رغم أن عناصر الإرهاب والتمرد والعنصرية قد تراجع كثير من أفرادها واعترفوا أنهم كانوا على خطأ وخطأ جسيم يستوجب تطبيق حد الحرابة في حقهم،ومع ذلك نجد هذه الأحزاب مصرة كل الإصرار على مواقفها، فهل هذه الأحزاب تتعمد هذا الفعل وهي تدرك أنه قد أضر بالوطن؟ أم أنها تفعل ذلك من باب العفوية؟ إن مثل هذه الأسئلة وغيرها ينبغي أن تخضع للدراسة والتحليل والاستنتاج، لأن المفترض في الأحزاب والتنظيمات السياسية عدم التفريط في الوطن ومصالحه العليا وعدم معارضة الوطن ودستوره وقوانينه، بل إن واجب المعارضة هو حماية الدستور والقوانين وعدم القبول باختراقها وحماية السيادة الوطنية وعدم تعريضها للخطر، بمعنى أكثر تحديداً إن من واجب المعارضة أن تجعل الوطن وسيادته ومصالحه فوق كل الاعتبارات، ولايمكن إن تساوم في قضايا الوطن المصيرية، وهو ماهو معروف في كل بلاد العالم، فهل تستفيد المعارضة في بلادنا من الدروس الوطنية للأحزاب والتنظيمات السياسية في العالم، وينبغي عليها أن تدرك أن للمعارضة حدوداً لايجوز تجاوزها،وعندما تدرك كل ذلك أنا على يقين بأنها ستستعيد ثقة الجماهير.