الاختلالات البيئية لكوكب الأرض لم تكن حديثة، فمؤشراتها قد بدأت في بداية النصف الثاني من القرن الماضي، وظل الكثيرون يحذرون من استمرار التغاضي الدولي عن هذه الاختلالات حتى لا تتفاقم وتكبر وتؤدي إلى تهديد الحياة على الأرض. فالبيئة الأرضية حياتها متكاملة بين المناخ والنبات والحيوان والإنسان، ويعد المناخ المتحكم الرئيسي في هذه الحياة واستمرارها أو انقراضها. وهاهو الاختلال المناخي أصبح واضحاً وجلياً، وتأثيراته على الحياة عامة صارت أوضح، ويعد الإنسان واستثماره للأرض من الأسباب الرئيسية في الاختلال المناخي، وحدوث الانحباس الحراري الذي يزداد يوماً بعد آخر مؤدياً إلى تزايد ارتفاع حرارة الأرض، وبالتالي التأثير على كثير من أوجه الحياة إلى حد صار اليوم العالم كله يشكو، ويعلن مخاوفه من المخاطر التي تتهدد الحياة البشرية على الكوكب الإنساني «الأرض». الدول الصناعية تعتبر السبب الأول والأخير في حدوث هذه الاختلالات المناخية في الغرب أو في الشرق أو في الجنوب، وهي الأقدر على معالجة هذه الاختلالات؛ لكنها ظلت الأكثر رفضاً وتهرباً من التوقيع على الاتفاقات الدولية الملزمة لهم العمل على التقليل من المخلفات والنفايات الصناعية التي تؤدي إلى الاختلالات المناخية؛ لكن دون جدوى، فالقرارات في البلاد الصناعية الغربية «أوروبية وأمريكية» بيد القوى الصناعية التي لا يهمها إلا تكديس الثروة ولو مات العالم؛ على اعتقاد منهم أن الثروة ستحميهم وتحمي أسرهم وعوائلهم ويصبحون ملوكاً للعالم. فالثروة أعمتهم وأعمت بصائرهم حتى اعتقدوا أنهم مخلدون، دون أن يعلموا أن ذلك الموت لن يخلفهم على هذه الأرض التي هم السبب الأول في موتها إن استمروا على عماهم الذي تفرضه عليهم أطماعهم. اليوم.. هاهو المؤتمر الدولي للمناخ في «كوبنهاجن» قد انعقد بدءاً من 7/12/2009م تحت عنوان عريض هو «قمة المناخ» وبحضور قادة العالم، وهذا يعني أن العالم كبيرهم وصغيرهم بدأ يستشعر المخاطر البيئية «المناخية» التي تتهدد الأرض، لكن بعد أن صار العلاج مكلفاً جداً. حيث إن العلاج للمناخ والإصحاح البيئي يحتاج إلى نحو قرن من الزمن ليستعيد عافيته، وذلك باتخاذ قرارات مسؤولة وجادة من قادة الدول الصناعية في الغرب والشرق، ويرصدون الموازنات الكبيرة لمواجهة متطلبات الإصحاح الغابي وخاصة البيئة النباتية التي تعد رئة الأرض تتنفس «ثاني أكسيد الكربون» الغاز الخانق والمميت والمؤدي إلى الانحباس الحراري، وتنتج الأكسجين اللازم لحياة الإنسان وكذا الحيوان في البر والبحر والجو. إن الدول الصناعية في الجزء الشمالي من العالم في الغرب والشرق والوسط هي من يجب أن تتحمل المسؤولية كونها تملك الإمكانيات العلمية والتقانية والمالية، وكونها كانت السبب الذي أدى إلى الاختلالات البيئية والانحباس الحراري، وكذا التلوث في الأرض والمياه والجو، وكونها التي ستتأثر أكثر من ذوبان الجليد في الجهات الشمالية من الكرة الأرضية، ومن الضرورة بمكان التخلص من الصناعات الملوثة والوقود الملوث والسعي إلى استخدام قوى محركة غير ملوثة. ومن المهم تعجل الأمر مادامت الفرصة مازالت سانحة، وأي تأجيل قد يقود إلى مواجهة كارثة أرضية يعجز العالم كباراً وصغاراً عن مواجهتها، وحينها سيستسلم العالم للنهاية المحتومة.