المتابع للقنوات الفضائية.. وخاصة «الجزيرة الوثائقية»، وقناة «ناشيونال جيوجرافي» أبوظبي، و«الحرة».. وغيرها الكثير من القنوات التي تهتم بكوكبنا الأرض.. سيلاحظ أنها قد ركزت من قبل ال(20) من أبريل على برامج مصورة عن الأرض والحياة عليها، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للأرض. لكن وعلى مدى الأيام نلاحظ البكاء والعويل من قبل العديد من الاختصاصيين في الكيمياء، والفيزياء، والمناخ، والنبات، والحيوان، والاختصاصيين في علوم البحار، والبيئة، والباحثين في علوم الحشرات المرئية، والمجهرية، وعلماء الطب والجراثيم والفيروسات، والبكتيريات، والأمراض الخبيثة، كما نجد العلماء والمنظمات البيئية والاجتماعية والغذائية و..و.. إلخ كلهم يؤكدون أن كوكبنا(الأرض) يتعرض لتدمير هائل يهدد الحياة الشاملة عليه.. وذلك للاستنزاف المفرط والمسرف الذي يقوم به البشر للموارد الأرضية. فالأرض استغرقت نحو أربعة مليارات سنة كي تصبح صالحة للحياة عليها لم تستغرق سوى آلاف السنين من نشاط الإنسان كي تصبح مهددة بالموت.. بل إن بضعة عقود هي العقود الأخيرة من عمر الإنسان على الأرض، وهي عقود النقلات السريعة للحياة والنشاط البشري على الأرض أصابت الأرض بأضرار قاتلة ومميتة.. هذه العقود هي عقود القرن العشرين التي قفزت امكانيات الإنسان إلى حد مهول مكنته من استنزاف الحياة على الأرض بشكل مدمر.. دمر الغابات، دمر الحيوان، دمر الحياة البحرية، دمر المناخ، أضر بالطبقات الجوية الحامية للأرض، واستنزف المياه.. وأخل بالتوازن الحياتي والبيئي إلى حد الطغيان الذي حذر منه الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم(ألاتطغوا في الميزان). فمنذ اكتشاف (الفحم، البترول، والأسمدة، ومواد مكافحة الآفات الزراعية) وازدياد ذلك وتطوره واستخداماته بكميات هائلة، وبشكل واسع كلها اكتشافات خدمت الإنسان كثيراً.. لكنها لوثت البيئة الكونية بصورة مرعبة.. بدأت تهدد الحياة الكونية إلى حد أخاف وأرعب البشرية، ومع ذلك فالخوف والرعب البيئي لم يدفع الإنسان الأناني المغرور بانتصاراته نحو الإصحاح البيئي، وإعادة تنمية البيئة الكونية إلا في حدود التباكي والعويل والتعبير عن رهبته، وخوفه، ورعبه مما يحدث من تدمير للحياة الكونية. والمشكلة أن أثرياء العالم والذين يستحوذون على الثروات العالمية لايهمهم ذلك في الوقت الذي يقفون وراء تدمير الأرض من أجل الثروة.. في حين أنهم لايشكلون سوى 2% من سكان العالم الذي بلغ اليوم نحو(6) مليارات إنسان أي أن البشر تضاعفوا خمس مرات خلال الخمسين السنة الماضية.. مقابل ذلك المياه الجوفية تنضب.. بينما الأنهار الدائمة تنخفض، ومنها يتحول، إلى موسمي بينما الموسمية تجف، وثاني أكسيد الكربون يزداد، بينما الأكسجين يقل نتيجة لتقلص الغطاء النباتي والمساحات الزراعية تتقلص، والثروة السمكية والبحرية تتناقص، ومقومات الحياة البرية والبحرية تتلاشى والانحباس الحراري يفعل فعله.. والبشرية لم تتحرك سوى بالعويل والبكاء حتى يداهمهم الموت.