حسناً فعل الأخ الرئيس علي عبدالله صالح عندما بادر بتأجيل الحوار اسبوعين قادمين ستكون بمثابة فترة ذهبية للوصول الى معادلة توافقية من أجل الوطن ومستقبله، فالاستقطاب « غير السياسي» السائد الآن لا يمكن ان يكون حميداً، ولا يمكن أن يوصل إلى طريق سالك للخروج من شرنقة الأزمة وحلحلة المشاكل الجوهرية الماثلة في صعدة والمحافظات الجنوبية. الجوار الاقليمي بالإضافة إلى المراقبين الدوليين يتطلعون إلى حكمة يمانية توصل إلى شكل من أشكال الاتفاق الذي سيمنح الإقليم والعالم فرصة سانحة تتوازى مع وقوفهم المعلن إلى جانب الشرعية والدولة، وعلى قاعدة استيعاب المتناقضات وتحويلها إلى خلافات حميدة بدلاً من ان تكون سبباً في التنافي والعدمية السياسية . مازال العقل الرشيد يرى في اليمن ذلك البُعد الذي كان ومازال ديدنه الوئام .. يختلف اليمانيون لكنهم في نهاية المطاف يجيدون فن التنازلات الشجاعة، والاعتراف المتبادل بالخطأ وسوء التقدير، وقد شهدنا مثل هذه الحالة على مدى عقود من متاهات الصراع والاختلاف، وربما كانت محطة التقاتل الجمهوري الملكي خير شاهد على ذلك، ومن مصادفات القدر أن تكون صعدة بالذات ترميزاً أقصى لبيئة التقاتل والكر والفر.. وفي تناطحات الشطرين السابقين كان التنسيق والتكامل يحل غالباً محل جعجعة السلاح، وفي حرب الوحدة والانفصال لعام 1994 خرج الطرفان المتصارعان من المحنة دون استمرار للشظايا، وكان قرار العفو العام بناءً لجهة استيعاب الصدمة الأولى، لكن الفاسدين المدججين بالنياشين تمكنوا من إخصاء الرشد والحكمة من خلال ما فعلوه لاحقاً مما يعرفه القاصي والداني . الآن، وقد فاض الكيل وبلغ السيل الزبى لا بد من الإمساك بجمرة الأمل والتحدي، وتحويل الاسبوعين القادمين الى مناسبة كبرى للاحتفال بعهد جديد للسلم والتعايش والنماء، وفي هذا الصدد أتوقع شخصياً أن تجترح القيادة السياسية مأثرة غير مسبوقة، وأن تعلن إصلاحاً سياسياً جذرياً يتمثّل معنى الدولة الموحدة اللامركزية الناجزة. حقا لقد كان الحكيم الصيني « دينغ تسياو بنغ » رائياً عندما قال : ليس مهماً ما لون الهرة ، بل المهم أن تجيد اصطياد الفئران . وأقول استطراداً: ليس مهما مالون الصيغة اللامركزية الاتحادية، بل المهم أن نجيد فن الخروج من نفق الأزمة بقرارات شجاعة تُعانق المستقبل.