انطلق الراهب الانجليكاني «توما الأكويني» في رؤيته الإصلاحية الكنسية من الفلسفة الإغريقية والتعليم الإسلامي، وقد مثّلت الأندلس جسراً كبيراً للتواصل المعرفي مع الأفكار الرشدية «نسبة لابن رشد»، والسينوية «نسبة لابن سينا» والصوفية أيضاً. وقد رأى توما الأكويني بعين البصيرة أن إيصال الكهنوت الكنسي بالفلسفات الإنسانية وسيلة حاسمة للخروج من شرنقة التعصب الديني. كما سار على ذات النهج المصلح الكبير سافونارولا، فيما باشر المصلح الإنساني «مارتن لوثر» حل الاشتباك المُزمن بين الحكمة والشريعة «يومها كانت كلمة الحكمة رديفة التأمل الفلسفي». وقد استفاد توما من رؤية ابن رشد صاحب «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال» معتبراً أن نقطة اللقاء الممكنة بين الحكمة والشريعة تكمن في الفضيلة، فإذا انتفت الفضيلة انتفى اللقاء بين الحكمة والشريعة. هذا الموقف الرشدي الفريد يذكّرنا بالكيمياء السحرية للقائد الصيني «دينغ تسياو بنغ» والذي أبحر بالصين من الاشتراكية الماوية «نسبة إلى ماو تسي تونغ» إلى صين واحدة بنظامين» «اشتراكي ورأسمالي». وكان منطلقه الفلسفي المفاهيمي يتلخص في مقولته الدالة: «ليس مهماً ما لون الهرة، المهم أن تُجيد اصطياد الفئران». واستتباعاً لذلك جاءت فرادة التجربة الصينية التي جمعت بين نسقين واقتصادين، وعلى قاعدة الإبقاء على ما يحقق المصلحة العليا، والتخلي عن العوائق. فإذا كان الاقتصاد الاشتراكي الحمائي ضرورة لتأمين الخدمات الاجتماعية ومحاربة الفقر، فلا بأس من بقائه، وإذا كان اقتصاد السوق الرأسمالي وسيلة للنماء والتطور، فلا بأس من الأخذ به. ما كان للزعيم الصيني «دينغ تسياو بنغ» أن يصل إلى هذه الحكمة لولا المفهوم والاستقراء العميقين لحكمة التاريخ. والأهم من هذا وذاك النظر للثنائيات المتناقضة بوصفها ثنائيات قابلة للتعايش على قاعدة تحقيق الهدف الواحد الذي أسماه ابن رشد بالفضيلة.