من خرائب المصطلحات السياسية اليمنية تلك النعوت الإطلاقية المُجيّرة على شكل من أشكال التعصب والعدمية، والتي سادت الحياة السياسية منذ عقود خلت، وأفضت في نهاية المطاف إلى نوع من التجريد المخل، وأحكام القيمة غير السويّة، وقد كنتُ ممن نبهوا منذ عقود خلت إلى ما تنطوي عليه تلك النعوت من أبعاد سلبية تنعكس على الحياة السياسية وتخلق بيئة جاهلية كتلك التي سادت أيام الداحس والغبراء، ومن طرائف تلك الحرب الجاهلية انها اشتعلت لسبب واه، تمددت واكتست لحماً وعظماً لتشكل منظومة متكاملة من خيوط الدماء والدمار، فالفتيل الذي اشتعل كان بسبب سباق للخيل !!، وادعى الطرف المهزوم بأنه مخدوع، وأصر الطرف المنتصر في السباق على أنه الكاسب، وهكذا بدأت الحرب من تلاسن وتفارق، ثم ذم وقدح، وصولاً إلى الدماء التي سالت على مدى اربعين عاما!! ، فيا لها من فداحة . المصطلح السياسي الخارج من سخائم البؤس والتخوين لا يختلف عن ثقافة " الغوييم " الخارجة من رحم اليهودية الأيديولوجية " غير الموسوية " والتي ترى في الآخر شراً مستطيراً، فيما ترى ذاتها بعين الرضا التام .. المصلح السياسي المتسارع من شأنه أن يخلق ردود أفعال مؤكدة، وصولاً إلى ترجمة الكلام بما يتجاوز الكلام، وقديماً قالت العرب : وجُرح اللسان كجُرح اليد، وقال الفيلسوف كارل ماركس : عندما تسيطر الفكرة على الذهن تتحول إلى قوة مادية غالبة . ما نراه اليوم من خرائب ظاهرة في جسد الحياة السياسية تعبير آخر عن محنة النعوت وأحكام القيمة الاطلاقية، مما يستحق وقفة شجاعة من القيادة السياسية التي اتمنّى عليها كمواطن يمني ينزف لنزف الوطن .. أتمنّى عليها ان تصدر قانوناً يحرم إطلاق النعوت المجانية التي ترتقي إلى مستوى القذف، وأن نستبدل ذلك بالبحث عن أفضليات المختلف مهما كان الخلاف معه .. هذا ليس مطلباً طوباوياً حالماً، بل ضرورة ملحة في ظل " خوارزميات " النعوت التي تزكم الأنوف.