قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ( ن،والقلم ومايسطرون) وهذا قسم من خالق الكون وما في الكون بالقلم لأهميته في العلم والعلوم والنصح والإرشاد وإدارة البلاد والعباد، وهناك حديث للرسول «صلى الله عليه وسلم» يقول: (إن أول ما خلق الله القلم) رواه الترمذي وأبو داؤود رضي الله عنهما. ذلك الحديث لخاتم النبيين عليه أفضل الصلوات والتسليم يوحي ويفسر لنا أهمية القلم في تبليغ الدعوات النبوية للبشر. إن القلم محور الدعوات الربانية وفصيحها , وواعظها وخطيبها ،به تدار الأقاليم ،ومن خلاله تخترق العقول والمفاهيم ،هو بريد اللسان الصامت ،ومتنفس الفؤاد الحائر (مثلما قال أحد الكتاب ). وبالقلم تنتشر الثقافات والعلوم ويتعلم الطلاب والأجيال وتبنى البلاد وترتقي الأمم وبالقلم يحث الناس وينتقدوا ويحاسبوا ويكافأوا على كل ما خطته أيديهم بالقلم . وبالقلم تكتب الصحافة ماتريد ويكتب الصحفي عن زيد وعبيد، وبالقلم تكشف الصحافة الفاسدين والمتنفذين، وبالقلم تنتشر حرية الرأي ويطرح بالقلم الرصاص أصحاب السياسات أفكارهم وتنتقد الحكومات وتطرح الآراء بل أيضاً بالقلم تنشر الأفكار الهدامة وتدمر العقول والأجيال لكن بدون أن تسقط أية قطرة دم، لأن الرصاص في القلم هنا هو للكتابة والتعبير وكنيته بالقلم الرصاص كونه مصنوعاً من الجرافيت نفس لون الرصاص وليس فيه من الرصاص شيء . لذا فقد جرت العادة أن نسميه «قلم رصاص» لذلك السبب وهو كقلم ناشر للفكر والعلم، أما الرصاص فهو ناشر للموت والقتل، وكل صحف العالم ومراكز النشر الصحفية لديها في مواقعها أقلام رصاص لنشر العلوم والثقافة وبناء المجتمع وليس لهدمه ولكن ليس لديهم إطلاقاً رصاص لقنص الناس ونشر أسلوب القتل بدلاً عن الحياة . طالعتنا الأخبار الإثنين الماضي أن مجاميع تتمترس في صحيفة «الأيام» في عدن ويحملون بأيديهم رصاصاً وليس «قلم رصاص» وأعتقدت للوهلة الأولى أن هناك خلطاً بين قلم الرصاص سلاح المفكر والصحفي والرصاص سلاح العاجز والمتعجرف والقاتل إن لم يكن من رجال الأمن . وبعد قراءتي للخبر بكامله اتضح أن تلك المجاميع متمترسة في صحيفة يفترض أن يحمل جميع من بداخلها «قلم رصاص» ولايحملون سلاحاً فيه رصاص. وبهذا تكاد تكون أول صحيفة في العالم تحتفظ بمسلحين ومجاميع مسلحة اجتمعت من كل جبل ووادٍ لمجرد الاستعراض والفتوة والبلطجة وهذا مرفوض من أي كان في أي مكان في العالم وليس في اليمن فقط . قُدّر لي أن أزور صحيفة «الثورة» في صنعاء الشهر الماضي ولم أرَ سوى حراس مدنيين، فما داعي أن تكون صحيفة «الأيام» لديها كل ذلك أو تسمح لكل أولئك أن يدخلوا ساحتها ويتسببوا بارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون التي تطالب بتطبيقه تلك الصحيفة في كل كتاباتها السابقة مادامت هي لا تؤمن بما يكتب فيها . لا أدري كيف يقلب بعض الناس الموازين التي وضعها الخالق لمصلحتهم الشخصية ويستبدلون قلم الرصاص الذي يكتب كل شيء غث وسمين بالرصاص الذي يقتل كل شيء . ولا أدري كيف سيفسر من سموا أنفسهم أنهم محامون يدافعون عن القانون بالقلم الرصاص حين يصبح من يدافعون عنهم يحملون سلاح الرصاص وبالتالي تزهق أرواح بسبب هذه الثقافة التي رفضوها في بداية حياتهم العلمية واستعملوها في نهاية حياتهم العملية . حقاً من يبدل قلم الرصاص بالرصاص لا يستحق أن يحمل قلماً أقسَم به رب العالمين .. وهنا مربط الفرس. [email protected]