بصراحة أصبت بالذهول حين قرأت تقريراً عن الحوادث المرورية في بلادنا، حيث أشار التقرير إلى أن 3041 قد توفوا جراء هذه الحوادث خلال العام 2009م، وبزيادة تقدر ب 144 حالة وفاة عن العام 2008م، وأن عدد الحوادث تقُدر ب 15122 تنوعت بين صدامات ودهس وانقلاب. كما أشار التقرير إلى أن الأسباب كانت إهمال السائقين والمشاة، وزيادة السرعة، وعدم ربط حزام الأمان، واستخدام الهاتف النقال، وتعاطي القات، وأسباب أخرى متعلقة بصلاحية الطرقات. وكم كنت أتمنى حين كتبت موضوعاً عن هذا الأمر في العام الماضي بأن يقل عدد الوفيات بسبب الحوادث، ولكن للأسف فإن الحوادث قد زادت نسبتها كما ذكر التقرير، مع أن التقرير الذي نُشر في العام الماضي والأسباب التي وردت فيه هي نفسها التي وردت في التقرير الذي نُشر هذا العام مع زيادة في الأرقام. إن الأمر لا يحتاج إلى الشيء الكثير من أجل إيقاف هذه الحوادث أو التخفيف منها لو وُجدت عقوبات صارمة تُعمم على الجميع دون استثناء، فالسرعة مثلاً يتم تحديد رقم معين كحد أعلى بحيث لا يتجاوز سائق السيارة الرقم المحدد، فإن تجاوزه يتم سجنه وتغريمه مادياً كما يحدث في جميع الدول، ويجب ألا نرمي بالأعذار على الطرقات والهواتف والقات فقط، بل تتحمل كافة الجهات المعنية دوراً كبيراً في مسألة التوعية التي تُعد ضرورية وهامة للسائقين والمُشاة بشكل عام. ولا يخفى على الجميع ما يحدث بشكلٍ يومي أمام أعيننا من مهزلة يرتكبها سائقو السيارات التي تحمل القات، فقد شاهدت مراراً سيارات من نوع "هايلوكس" وعليها كمية كبيرة من القات وعدد ستة إلى ثمانية أشخاص يعتلون هذا القات وسائق السيارة يقودها بسرعة جنونية داخل المدينة دون أدنى خجل من الناس أو من أفراد المرور، فهل يستاهل بيع شجرة القات أن تزهق أرواح الناس من أجل أن يصل في موعده إلى المقوات؟!، العالم من حولنا يتطور ونحن مازلنا نجهل قواعد السير والمرور. إنني هنا لا أوجّه اللوم لأحد بقدر ما أوجهه إلى الجهات المعنية بحماية أرواح الناس سواء أكانوا سائقين أم راكبين أو مشاة؛ فمن ينقذ المواطن المسكين من تهور سائق السيارة "البيجو" التي تمشي بسرعة جنونية وكأنها وكما يسميها البعض "النعش الطائر" ومن ينقذ المواطن من سائق الدراجة النارية، ومن يُنقذ المواطن أيضاً من المطبات التي لا يكاد يخلو طريق بين مدينة ومدينة منها دون وجود أي تنبيه قبلها يدل على وجودها، فكم أزهقت من أرواح بريئة بسببها ولكن لا حياة لمن تنادي؟!. إنني لا أقصد بما سبق من كلامي قطع رزق أحد، ولكن يجب أن تُحترم الأرواح الإنسانية وتُقدس وألا تكون عبثاً بين يدي بعض السائقين المتهورين، أو الأطفال والمراهقين الذين يجولون في الشوارع ليل نهار دون أدنى مراقبة من أولياء أمورهم، فالأرقام المُخيفة التي ذكرت آنفاً يجب ألا تتركها الجهات المعنية حبراً على ورق دون عمل حلول عاجلة موقتة. والعمل على إيجاد حلول جذرية للمشكلات الرئيسية وأهمها صيانة الطرقات، وإزالة المطبات التي لا داعي لوجودها، أو عمل إشارات تحذيرية على بُعدٍ معقول يبين وجود هذه المطبات. وأتمنى أن لا نرى في تقرير العام القادم أي ازدياد في أعداد الحوادث أجارنا الله وإياكم منها، وبالطبع لن تنتهي الحوادث نهائياً؛ ولكن أن يقل عددها خير من أن تزيد.