في عصر تتكتل وتتقارب فيه الأمم والشعوب رغم اختلاف أديانها وثقافاتها وأعراقها وحتى حضارتها ، كالاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي ،ورابطة جنوب شرق آسيا وأخيراً ما حصل من تقارب بين بعض دول امريكا اللاتينية، وكل هذا يجعلنا نتساءل: لماذا بلداننا وشعوبنا العربية التي تجمعها اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا والمصير المشترك تتنافر وتتطاير حتى في إطار البلد الواحد حتى أصبحت راية القطرية هي الشعار القائم اليوم؟ والفرق بيننا كأمة واحدة وبينهم كأمم وشعوب مختلفة أنهم اجتمعوا وأذابوا القطرية الضيقة من أجل الجمع والذي فيه خير الجميع اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، فاستفاد جميعهم بعد توحيد السياسات الاقتصادية فانتقلت الأموال والاستثمارات وتحركت من بلد لآخر فانتعش اقتصاد الجميع وأصبحت الهوة الاقتصادية التي كانت قائمة بين بعض بلدانها تضيق شيئاً فشيئاً بفعل التعاون فيما بينها خصوصاً في الجانب الاقتصادي وكلنا لا يجهل ذلك. لكن السؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح هو: ما الذي جعل الأمة العربية تصل إلى ما وصلت إليه من تباعد وتشرذم ورفع شعار «الأنا» القطرية؟ هذا الوضع الشاذ خلق واقعاً عربياً أليماً وغير طبيعي وزاد من هوة الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة.. وإذا ظلت أمور الأمة العربية كما هو الواقع اليوم فإنها لا محالة ستزداد ضعفاً وستتهاوى أركانها. حينها ماذا سيكتب التاريخ عنها خصوصاً وأن البقاء للأقوى في عالم اليوم الذي لايلتفت إلى الضعفاء. لذا نقول: إن على العرب أن يستفيقوا من هذه الغفوة وأن يستنهضوا تاريخهم من جديد ليستعيدوا مجداً بدأ بالأفول، أستطيع القول هنا: إذا استطاع العرب التخلص من الأنانية التي أصبحت ظاهرة ومعاشة في واقعنا فإننا حتماً سنستطيع استعادة أمجادنا التي عرفناها عبر التاريخ، إذ لابد أن يكون هناك مراعاة بعضنا للبعض الآخر فهناك بلدان غنية وأخرى فقيرة ومن العيب أن يظل مثل هذا الوضع السيئ. ولكي تضيق الهوة لابد أن تتخذ خطوات فاعلة من قبل البلدان الغنية للأخذ بالفقيرة من خلال استحداث مشاريع انتاجية وضخ الاستثمارات إليها حتى تنهض بواقعها، فبقاء الأموال في البلاد العربية أفضل وأضمن من استثمارها في أوروبا وأمريكا كما هو قائم الآن والتي لا يستفيد منها إلا الآخرون. مطلوب من دولنا العربية الغنية أن تستثمر أموالها بمشاريع استراتيجية كبيرة داخل البلدان العربية الفقيرة فهناك مساحات شاسعة في هذه البلدان يمكن استغلالها زراعياً وهناك قوى بشرية كبيرة ورخيصة بالإضافة إلى السوق الاستهلاكية، كل هذه العناصر كفيلة بإنجاح الاستثمارات والمشاريع المطلوبة وكل هذا يحتاج إلى إرادة قوية تكون متجردة من الأنانية من قبل الدول العربية الغنية ومن العيب أن يموت بعض العرب من التخمة ويموت البعض الآخر من الجوع والفاقة وهذا يتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي الذي يحث على التعاون والتعاضد إلى غير ذلك من القيم النبيلة.